وكذلك جميع ما عُرف له اشتقاق من هذا النوع همزته زائدة، وما عداها أصليّ، إِلَّا ألفاظًا قليلة شذَّت من هذا النوع. وهي: أَولَقٌ1 وإِمَّعةٌ وأَيصَرٌ2 وأَرْطًى3 [وأَيطَل] 4. فلذلك حملنا ما ليس له اشتقاق، نحو: أَفعًى وإِشفًى وأبْيَن، على الأكثر فقضينا بزيادة الهمزة.

فإِن قيل: فما الدليل على أصالة الهمزة، في هذه الألفاظ الخمسة؟ 5 فالجواب [22أ] أنَّ الذي يدلّ على أصالة الهمزة في أيصر أنهم يقولون في جمعه: إِصار، بإِثبات الهمزة وحذف الياء. فدلّ على أصالة الهمزة وزيادة الياء. ولا يمكن أن تُجعلَ هذه الهمزة بدلًا من ياء، فكيونَ أصله "يِصار"، ثمّ أُبدلت الهمزة من الياء؛ لأنَّ الياء لا تُبدل همزةً في أوَّل الكلام.

والذي يدلُّ على أَصالة الهمزة في إِمَّعة أنك لو جعلتها زائدة لكان وزنها "إِفعَلة" و"إِفْعَلةٌ" لا يكون صفة أصلًا، إِنما يكون اسمًا غير صفة نحو: إِشفًى وإِنفَحة6. فدلَّ ذلك على أنَّ همزتها أصليَّةٌ، ويكون وزنها7 "فِعَّلةً"؛ لأنَّ "فِعَّلة" في الصفات موجود نحو: رَجلٌ دِنَّبةٌ8. وأيضًا فإِنك لو جعلت همزة إِمَّعة زائدة لكانت إِحدى الميمين منه فاء، والأخرى عين، فيكون من باب دَدَنٍ,9 وهو قليل جدًّا. أعني أن تكون الفاء والعين من جنس واحد. فلمّا كان جعل الهمزة زائدةً10 يؤدّي إِلى الدخول في هذا الباب القليل، وإِلى إِثبات مثال في الصفات لم يستقرَّ فيها، قُضي بأصالة الهمزة.

وأمَّا أَرطًى فالدليل على أصالة الهمزة [فيه] قولهم: أَديمٌ مأروطٌ، أي: مدبوغ بالأرطى، فإِثبات الهمزة في مأروط وحذف الألف دليل11 على أصالة الهمزة وزيادة الألف. وحكى أبو عُمَرَ12 الجَرميّ: أديمٌ مَرْطِيٌّ. فالهمزة على هذا زائدة، والألف أصل.

وأمَّا أَولَقٌ فالذي يدلّ على أصالة الهمزة [فيه] ، وزيادة الواو، قولهم: أُلِقَ الرَّجلُ، إذا أصابه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015