أصلًا، إِلَّا الأفعالَ نحو: تَدَحرجَ، والأسماءَ الجارية عليها نحو: مُدَحرج. فلمّا كانت هذه الأسماء وأمثالُها ليست من قبيل الأسماء الجارية على الأفعال قُطِعَ بأنَّ الهمزة في أوّلها أصل.
وإِن كان بعدها ثلاثة أحرف مقطوع بأصالتها قُطعَ بأنها زائدة. وذلك نحو: أفكَلٍ1، همزته زائدة. وإِنَّما قضينا عليها بالزيادة لأنَّ كلَّ ما عُرف اشتقاقه من ذلك فالهمزة فيه زائدةٌ، نحو: أَحمر وأَصفر وأَخضر2، وأمثال ذلك؛ ألا ترى أنها مشتقَّة من الحُمرة والصُّفرة والخُضرة؟ فلمّا كانت كذلك فيما عُرف اشتقاقه حُمِلَ ما جُهِلَ اشتقاقه على ما عُلم، فقُضِي بزيادة الهمزة فيه.
وإِن كان بعدها حرفان مقطوع بأصالتهما، وما عداهما مقطوع بزيادته، كانت الهمزة أصلًا إذ لا بدَّ من الفاء والعين واللّام، كما تقدَّم. وذلك نحو: آخِذٍ3 وآمِرٍ4؛ ألا ترى أنَّ الألف مقطوع بزيادتها، وأنَّ الخاء والذال من آخِذٍ5، والميم والراء من آمِرٍ، مقطوع بأصالتها6؟ فلذلك كانت الهمزة أصلًا فيهما وفي أمثالهما.
فإِن كان بعدها حرفان مقطوع بأصالتهما، وما عداهما محتمل للأصالة7 والزيادة، قُضي على الهمزة بالزيادة، وعلى ما عداها ممّا يحتمل الأصالة والزيادة بأنه أصليّ. وذلك نحو أءبين8 والألف من إشْفًى9 وأَفعًى. فإِنك، وإِن لم يكن معك اشتقاقٌ ولا تصريف، تقضي بزيادة الهمزة وأصالة ما عداها. وذلك [أنَّ] 10 إِشْفى11 وأَبْيَن وأَفعى وأمثال ذلك الهمزةُ في جميع ذلك زائدة، والياء من أبْيَن والألف من إِشفًَى12وأفعًى أصلان.
وإِنَّما قُضِي بزيادة الهمزة في مثل هذا لأنَّ جميعَ ما ورد من ذلك ممّا له اشتقاقٌ، الهمزةُ فيه زائدة وما عداها أصلٌ، نحو قوله: هو أَغوَى منه وأَضوَأُ منه و"أَيدَعٌ"13؛ لأنَّ "أَغوَى" من الغَيّ، و"أضوأ" من الضَّوء، ويقولون: يَدَّعتُهُ14.