ويسمو التشريع إلى أرفع من هذا حين يثبت الكرامة الإنسانية للناس جميعا بقطع النظر عن أديانهم وأعراقهم وألوانهم فيقول: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} 1.

هذه الكرامة هي التي تضمن للناس جميعا حقهم في الحياة والعقيدة والعلم والعيش، ومن واجب الدولة أن تكفلها لهم على قدم المساواة بلا استثناء، ويسمو التشريع فوق هذا إلى ذروة عالية من السمو الإنساني حين يجعل أساس المثوبة والعقاب للناس لا على ظواهر أفعالهم بل على نواياهم: "إن الله لا ينظر إلى صوركم ولكن إلى قلوبكم"

2، فالنية هي محل المؤاخذة أو الإثابة: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه" 3.

والنية المقبولة عند الله هي نية الخير والنفع للناس وابتغاء وجه الله ومرضاته دون غرض مادي أو نفع تجاري {وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} 4، وهذا الخير الذي تفعله ابتغاء وجه الله لا يصح أن تطلب ممن استفاد منه ثوابا ولا أجرا {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً} 5.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015