وَمَا فِيهَا من ساكنيها من الْمَلَائِكَة الَّذين لَا يفترون تسبيحا وتقديسا وتهليلا وتعظيما وسجودا وركوعا على مَا استعبدوا بِهِ من فنون الْعِبَادَة ودائم سرمد الْخدمَة
وَكَذَلِكَ الأرضون بِمَا فِيهَا من وحشيها وإنسيها ورواسي جبالها وعميق بحارها وبرها وطيرها وهوامها باخْتلَاف اللُّغَات المعبرة لكل صنف عَن مُرَاد مَعْقُول عِنْد جنسه مَجْهُول عِنْد ضِدّه من مُعْجم الْأَلْسِنَة ومعربها بمقادير مفوضة وأرزاق مقدرَة وأقوات مقسطة وآجال مُؤَجّلَة
أحَاط بذلك كُله جلّ ثَنَاؤُهُ علما وأحصاه عددا فَلَنْ يتَأَخَّر شَيْء مِنْهَا عَن وقته وَلم ينقص شَيْئا مِنْهَا من رزقه ثمَّ دعاهم جلّ ثَنَاؤُهُ إِلَى النّظر فِي عجائب مَا خلق فَقَالَ جلّ وَعز {أولم ينْظرُوا فِي ملكوت السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمَا خلق الله من شَيْء وَأَن عَسى أَن يكون قد اقْترب أَجلهم}
وَقَالَ جلّ وَعز {إِن فِي خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَاخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار لآيَات لأولي الْأَلْبَاب}
حسن دلَالَة مِنْهُ سُبْحَانَهُ لَهُم على النّظر فِي آيَاته والفكر فِي عجائب صنعه وَفِي ذَلِك سَبِيل لَهُم إِلَى مَعْرفَته وَإِلَى الْعلم بِأَنَّهُ الْخَالِق الرازق لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْوَاحِد سُبْحَانَهُ وَأَن من دونه لَهُ خلق وَأَن الْخلق كلهم مألهون مستعبدون
لَا يملكُونَ لأَنْفُسِهِمْ نفعا وَلَا ضرا