قَالَ أَبُو عبد الله الْحَارِث بن أَسد بن عبد الله المحاسبي رَحمَه الله
الْحَمد لله القاهر بقدرته الظَّاهِر بعزته الْغَالِب بجبروته الَّذِي بَدَأَ خلق مَا خلق من غير سبق بل هُوَ الأول قبل الْأَبَد وَالْآخر إِلَى غير أمد المنشئ لما شَاءَ بمشيئته لما سبق ذَلِك من علمه واستتر فِي خَفِي غيبه فَكَانَ أمره جلّ ثَنَاؤُهُ {إِذا أَرَادَ شَيْئا أَن يَقُول لَهُ كن فَيكون} بمحكم من الصَّنْعَة وإتقان من الْحِكْمَة بتفصيل عقائد أحكمها بتدبيره وأجراها بِعِلْمِهِ وأبقاها بقدرته على مَا أَرَادَ من ذَلِك فِي اخْتِلَاف الْأَزْمِنَة وتقلب الدهور ليبدو المغيب الْمَعْلُوم عِنْد أَوَانه وَيَزُول الْكَائِن الموقوت لأَجله
فسبحان من {بِيَدِهِ ملكوت كل شَيْء وَإِلَيْهِ ترجعون}
وَله الْحَمد جلّ ثَنَاؤُهُ وتقدست أسماؤه على مَا يسْتَحق من ذَلِك على خلقه وكما هُوَ أهل لذَلِك فِي كبريائه وعظمته وجلاله
جلّ الْمخبر عَن نظر خلقه لما كَانَ عَن الْعُقُول غَائِبا وَعَن الأوهام فِي غيبه محتجبا ليدل الْخلق بذلك على نَفسه وَإِلَى إِثْبَات توحيده