متعبين فَلَا تَضُرهُمْ صِفَات الْخلقَة وَمَا فِي تركيب الطباع إِلَّا أَن يجاوزوا فِي ذَلِك حُدُود الله عز وَجل فيأخذوا الشَّيْء من حَيْثُ حظره الله عَلَيْهِم فَيَكُونُوا عصاة لله عز وَجل بذلك الْعلم وَلَا يخرجُوا من الِاسْم الْمَحْمُود إِلَّا بِحل الْعُقُود الَّتِي وَصفنَا أَو جَحدهَا بالألسنة
فَإِذا كَانَ الِاعْتِرَاف لله تَعَالَى ثَابتا والألسنة بِهِ مقرة فَلَمَّا جاوزوا الْحُدُود نقص اسْم التَّوَكُّل فَيكون توكلهم لذَلِك نَاقِصا وفرائضه غير تَامَّة لِأَن الله جلّ ثَنَاؤُهُ أَبَاحَ لِلْخلقِ الْحَرَكَة فِي الطّلب وَلم يكلفهم إِزَالَة مَا فِي الطَّبْع
وَالدَّلِيل على ذَلِك أَن الله جلّ وَعز قَالَ {يَا أَيهَا النَّاس كلوا مِمَّا فِي الأَرْض حَلَالا طيبا}
وَقَالَ عز وَجل {رجال لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَة وَلَا بيع عَن ذكر الله}
فأباح لَهُم الْحَرَكَة ومنعهم التَّعَدِّي لحدوده جلّ ثَنَاؤُهُ
وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أطيب مَا أكل الْمُؤمن من كَسبه)
فَكَانَ دَلِيلا على مَا وَصفنَا من إِبَاحَة الْحَرَكَة فِي طلب الرزق وَأَن المتحرك فِي طلبه لَا يخرج من فرض التَّوَكُّل فِي كتاب الله وَسنة رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَا كَانَ عَلَيْهِ أكَابِر أَصْحَابه رَضِي الله عَنْهُم
وَقد زعم قوم أَن التَّوَكُّل لَا يثبت لأَهله إِلَّا بترك الْحَرَكَة فِي طلب الرزق وَالْقعُود عَن الِاضْطِرَاب فمنعوا أَن يكون فِي ذَلِك إِبَاحَة من كتاب الله تَعَالَى وَسنة رَسُوله عَلَيْهِ السَّلَام
فجهلوا مَا أخبرنَا من