فتأهّب جوهر لقتالهم، وحفر خندقا وعمل عليه بابين من حديد، وبنى القنطرة على الخليج ظاهر القاهرة، وحفر خندق السريّ بن الحكم وفرّق السلاح على العساكر، فوجد رقاعا في الجامع العتيق فيها التحذير منه، فجمع الناس ووبّخهم فاعتذروا له فقبل عذرهم.
ونزل القرامطة عين شمس في المحرّم سنة إحدى وستّين، فاستعدّ جوهر وضبط الداخل والخارج. وفي مستهلّ ربيع الأوّل [سنة 361] (?) التحمالقتال بين القرامطة وبينه على باب القاهرة، فقتل من الفريقين جماعة وأسر كثير. ثمّ استراحوا في ثانيه والتقوا في ثالثه فاقتتلوا قتالا كثيرا قتل فيه ما شاء الله من الخلق، وانهزم القرمطيّ يوم الأحد ثالث ربيع الأوّل، ونهب سواده ومرّ على طريق القلزم. ونودي في مدينة مصر: من جاء بالقرمطيّ أو برأسه فله ثلاثمائة ألف درهم وخمسون خلعة وخمسون سرج [ا] محلّى على دوابّها وثلاث جوائز. وقبض جوهر على تسعمائة رجل من جند مصر في ساعة واحدة وقيّدهم وسجنهم بالقاهرة في دار. ووجد عدّة ودائع لقوّاد الإخشيديّة فأخذها.
ورفع المعاملة بالدنانير المتقيّة- وهي التي عليها اسم المتّقي لله إبراهيم بن المقتدر العبّاسيّ- وجعل قيمة الدينار الأبيض ثمانية دراهم.
وأمر ألّا يظهر يهوديّ إلّا بغيار، فاعتمد ذلك.
وفي شعبان منها [سنة 361] دخل أبو محمود إبراهيم بن جعفر [بن فلاح] الرملة (?).
وفيه مرض الشريف أبو جعفر مسلّم، فأرسل إليه القائد جوهر ابنه حسينا لعيادته.
ولسبع خلون من رمضان [سنة 361] فرغ القائد جوهر من بناء الجامع بالقاهرة (?)، وجمعت فيه الجمعة.
وفي شوّال ابتدأ القائد جوهر بحفر الخندق بالقرافة، وبدأ به من بركة الحبش وألقى الأموات حتى بلغ إلى قبر الشافعي، فعدل به عنه، ثمّ شقّ شرقا إلى الجبل على المقابر إلى قبر كافور الإخشيديّ ليحفظ طريق مصر من العجّ (?) حتى لا يرد أحد من القلزم.
وفي ربيع الآخر سنة اثنتين وستّين وثلاثمائة تواترت الأخبار بقدوم المعزّ لدين الله إلى مصر، فتأهّب جوهر وأخذ في عمارة القصر. وفي أوّل رجب [سنة 362] تقدّم إلى الناس بلقاء المعزّ فخرجوا في ثامنه. وقدم المعزّ في سابع رمضان، فنزل قصره من القاهرة وجلس على سريره الذهب في الإيوان، وجوهر قائم بين يديه يقدّم الناس قوما بعد قوم حتّى انقضى السلام.
ومضى وأقبل بهديّته، وهي:
من الخيل مائة وخمسون فرسا مسرجة ملجمة منها بذهب، ومنها مرصّع، ومنها معنبر.
وإحد [ى] وثلاثون ناقة من البخاتي عليها