المقفي الكبير (صفحة 943)

وما زال على مكانته حتّى مات السلطان وقام من بعده الأمير قوصون بتدبير الدولة. [ف] بعثه إلى حماة وطرابلس مبشّرا بسلطنة الأشرف كجك.

فلمّا عاد أخرجه إلى قوص لحفظ المنصور أبي بكر وقد نفاه إليها، وقرّر معه معاونة عبد المؤمن والي قوص على قتله. فعاد بعد قتله. فلم يبق قوصون إلّا أيّاما وثار به الأمير آي دغمش والأمراء وقبض عليه. وطلب جركتمر وسجنه. ثمّ أخرج إلى الإسكندريّة وقتل بها في شوّال سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة.

وكان يجيد اللعب بالرمح والرمي بالنشّاب، وله يد طولى في صيد الوتر وصيد الطيور ولعب الكرة. وكان جميلا كريما.

1066 - جرمك الناصريّ [- 692] (?)

[395 أ] جرمك الناصريّ، الأمير سيف الدين، أحد مماليك الناصر يوسف صاحب حلب.

تنقّل في الخدم من أوّل الدولة التركيّة وصار من جملة الأمراء في الأيّام الظاهريّة بيبرس. وأقرّه المنصور قلاوون على إمرته. ثمّ قبض عليه في جمادى الأولى سنة تسع وثمانين وستّمائة لمفاوضة جرت بينه وبين الأمير طرنطاي أغلظ له فيها بحضرة الأمراء. ومات [المنصور] وهو في السجن، فأفرج عنه الأشرف خليل عند ما تسلطن وأنعم عليه بالإمرة على عادته.

ثمّ قبض عليه وهو يحاصر عكّا في جمادى الأولى سنة تسعين وسجنه بقلعة الجبل إلى أن قتله في ليلة أوّل المحرّم سنة اثنتين وتسعين وستّمائة فيمن قتل من الأمراء.

وكان سليم الباطن يخدعه المنجّمون بأنّه يلي السلطنة، فتتعلّق نفسه بذلك وينعم عليهم.

وكان تتريّ الجنس من كبار المغل كبير النفس شجاعا معظّما في الدول.

1067 - المقوقس (جريج بن مينا) (?)

جريج بن مينا بن قرقب المقوقس.

وجّهه هرقل ملك الروم إلى مصر أميرا، وجعل إليها حربها وجباية خراجها، فنزل الإسكندريّة.

وبعث إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حاطب بن أبي بلتعة (?) بكتابه إليه سنة سبع من الهجرة، فوافاه بالإسكندريّة. فلمّا دخل عليه أجلسه وتناول منه الكتاب وقبّله وضمّه إلى صدره وقال: مرحبا بكتاب النبيّ العربيّ. ثمّ قرأه، فإذا فيه: باسم الله الرحمن الرحيم. من محمّد رسول الله إلى المقوقس عظيم القبط. سلام على من اتّبع الهدى. أمّا بعد، فإنّي أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرّتين. يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ [آل عمران: 64].

وقيل: بل كان في الكتاب بعد البسملة: أمّا بعد، فإنّ الله أرسلني رسولا وأنزل عليّ قرآنا مبينا وأمرني بالإعذار والإنذار ومقاتلة الكفّار حتى يدينوا بديني ويدخلوا في ملّتي. وقد دعوتك إلى الإقرار بالوحدانيّة [لله] الواحد الأحد وأنّي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015