وأصحبها جارية له سوداء تعادلها وتخدمها. وأمر بناقة ومحمل (?) فأدخلت فيه وجعلها معي وسرت إلى مكّة مع القافلة فقضينا حجّنا. ثمّ دخلنا في قافلة العراق وسرنا. فلمّا وردنا القادسيّة أتتني السوداء عنها فقالت: تقول لك سيّدتي: أين نحن؟
فقلت لها: نحن نزول بالقادسيّة.
فانصرفت وأخبرتها. فلم أنشب (?) أن سمعت صوتها قد ارتفع بالغناء [الكامل]:
لمّا وردنا القادس ... يّة حيث مجتمع الرفاق
وشممت من أرض الحج ... از نسيم أنفاس العراق
أيقنت لي ولمن أح ... بّ بجمع شمل واتّفاق
وضحكت من فرح اللق ... اء كما بكيت من الفراق (?)
فتصايح الناس من أقطار القافلة: أعيدي بالله! أعيدي بالله! (قال): فما سمع لها كلمة. ثمّ نزلنا الياسريّة وبينها وبين بغداد نحو خمسة أميال [333 ب] في بساتين ينزل الناس بها فيبيتون ليلتهم ثمّ يبكّرون لدخول بغداد. فلمّا كان قرب الصباح إذا بالسوداء قد أتتني مذعورة. فقلت: ما لك؟
قالت: إنّ سيّدتي ليست بحاضرة.
فقلت: ويلك! وأين هي؟
قالت: والله ما أدري.
(قال): فلم أحسّ لها أثرا البتّة. ودخلت بغداد وقضيت حوائجي بها وانصرفت إلى تميم فأخبرته خبرها فعظم ذلك عليه واغتمّ له. ثمّ ما زال بعد ذلك ذاكرا لها واجما عليها (?).
[333 ب] تميم بن المعزّ بن يعلى الباديسيّ، الفقيه أبو الطاهر، المالكيّ. يروي عن سند بن عنان الأزديّ. توفّي سنة خمس وستّين وخمسمائة.
الأمير أبو منصور الخزريّ. ولي مصر من قبل