محمد عليّ بن أحمد بن سعيد بن حزم (?) بن غالب الفارسيّ: نا أبو البركات محمد بن عبد الواحد الزبيريّ: حدّثني أبو علي حسن ابن الأسكريّ (?) المصري قال:
كنت من جلّاس تميم ابن أبي تميم وممّن يخفّ عليه جدّا (قال): فأرسل إلى بغداد فابتيعت له جارية رائقة فائقة الغناء، فلمّا وصلت إليه دعا جلساءه (قال) - وكنت فيهم-: ثمّ مدّت الستارة وأمرها فغنّت [الكامل]:
وبدا له من بعد ما اندمل الهوى ... برق تألّق موهنا لمعانه
يبدو كحاشية الرّداء ودونه ... صعب الذرى متمنّع أركانه
وبدا لينظر كيف لاح فلم يطق ... نظرا إليه وصدّه سجّانه (?)
والنار ما اشتملت عليه ضلوعه ... والماء ما سحّت به أجفانه
(قال): فأحسنت ما شاءت، وطرب تميم وكلّ من حضر، ثمّ غنّت [الطويل]:
سيسليك عمّا فات دولة مفضل ... أوائله محمودة وأواخره
ثنى الله عطفيه وألّف شخصه ... على البرّ مذ شدّت عليه مآزره
(قال): فطرب تميم ومن حضر طربا شديدا.
ثم غنّت [البسيط]:
أستودع الله في بغداد لي قمرا ... بالكرخ من فلك الأزرار مطلعه (?)
فاشتدّ طرب تميم وأفرط جدّا. ثمّ قال لها:
تمنّي ما شئت فلك مناك!
فقالت: أتمنّى عافية الأمير وسعادته.
فقال: والله لا بدّ لك أن تتمنّي!
فقالت: على الوفاء أيّها الأمير بما أتمنّى؟
قال: نعم.
قال: أتمنّى أن أغنّي هذه النوبة ببغداد.
(قال): فامتقع لون تميم وتغيّر وجهه وتكدّر المجلس، وقام وقمنا. (قال ابن الأسكري):
فلحقني بعض خدمه وقال لي: «ارجع فالأمير يدعوك! » فرجعت فوجدته جالسا ينتظرني.
فسلّمت وقمت بين يديه، فقال: ويحك! أرأيت ما امتحنّا به؟
فقلت: نعم أيّها الأمير.
فقال: لا بدّ لنا من الوفاء وما أثق في هذا بغيرك.
فتأهّب لحملها إلى بغداد، فإذا غنّت هناك فاصرفها.
فقلت: سمعا وطاعة.
(قال): ثمّ قمت وتأهّبت. وأمرها بالتأهّب،