فعظم ماله وقوي جاهه، إلى أن قتل سلّار فقبض عليه.
ثم مرض وتهوّس ومات بأسوإ حال في تاسع عشر شوّال سنة ثمان وسبعمائة وعدّ ذلك من بركة الشيخ عبد الغفّار بن نوح (?).
وكان من كرماء الناس يقصده أرباب الحوائج فيسعدهم ويساعدهم. وكان منهمكا في اللذّات، فقام عليه الأمير بيبرس الجاشنكير وأغرى به الأمير سلّار أنّه يتلف ماله في اللهو. فقال له سلّار: يا عزّ الدين، بلغني أنّك تشرب الخمر وتعمل المقامات وتنعم وتعطي. فعرّفني: أيّ وقت يسعك لهذا؟
فقال: إذا نزلت من خدمتك قبل المغرب أجد مكاني قد جهّز فيه كلّ ما يحتاج إليه وحضر جماعتي، فأقيم إلى آخر الليل وأفعل ما يفعله أرباب المجالس. ثم أتطهّر وأغيّر ثيابي وأصلّي الصبح وأفطر وأركب إلى خدمتك.
فتبسّم من كلامه وقال: أقم على ما أنت عليه ولا تتغيّر عنه. فتتبّع أيدمر ما أوجب ذكر سلّار هذا حتى ظهر أنّه من قبل الأمير بيبرس. فركب إليه ومعه مكتوب معصرة ببلاد الصعيد ابتاعها بالقوّة والجاه بمائة وعشرين ألف درهم. فعند ما رآه بيبرس ترحّب به وأجلسه وقال: لعلّ لك شغلا؟
قال: نعم، يا خوند، لمّا سافرت إلى الصعيد اشتريت معصرة بجميع ما تحتاج إليه، وقمت بعد شرائها بكلفها إلى آخر السنة. وما ابتعتها إلّا على اسم الأمير، وهذه مكاتيبها. (وقال إنّ) الطلاق يلزمه ما يأخذ لها ثمنا، وترك المكاتيب وقام.
فمن يومئذ كان بيبرس إذا سمع سلّار يذكر أيدمر يثني عليه ويبالغ في شكره.
[254 ب] أيدمر السنانيّ، عزّ الدين، أحد الأجناد. وله معرفة بتعبير الرؤيا، ويقول الشعر.
توفّي [سنة 707 بدمشق] (?).
ومن شعره [الكامل]:
تخذ النسيم إلى الحبيب رسولا ... دنف حكاه رقّة ونحولا
يجري العيون من العيون صبابة ... فتسيل في إثر الفريق سيولا
وتقول من حسد له: يا ليتني ... كنت اتّخذت مع الرسول سبيلا!
[237 أ] أيدمر [الآنوكيّ] الأمير عزّ الدين الدوادار الناصري، أتابك العساكر المصريّة.
أصله من مماليك آنوك (?) ابن الناصر، وتنقّل في الخدم وحظي عند الناصر حسن وجعله دويداره (?)، ولم يكن في آخر أيّام الناصر أحظى من أربعة أمراء: يلبغا الخاصّكيّ، وطيبغا