المقفي الكبير (صفحة 582)

وذلك أنّهم أصابوا في القلعة دبّا أنيسا، وفي القرية طاووسا. ثمّ سار إلى معركة «بلاطة» [وهو ملك صقلّيّة] (?) فظهر له فيها جمع من الروم فنازلهم وواضعهم الحرب فانهزم المشركون، وأصيب لهم خيل وسلاح. ومن ذلك اليوم سمّيت معركة بلاطة. ثمّ دخل إلى حصون الروم ومدنهم وقراهم ينسفها ويغير عليها. وبعث السرايا إلى قصور صقلّيّة وقراها فأصابوا سبيا كثيرا، ومن الدوابّ والمواشي ما لا يحصى كثرة.

وكثرت الغنائم عند المسلمين وصاروا في رغد من العيش، حتى نزل على سرقوسة، وحصر أهلها أشدّ الحصار، ونصب عليهم المجانيق وقالهمبرّا وبحرا.

[محاصرته سرقوسة واستشهاده بها]:

وكانت المراكب تأتيهم من القسطنطينيّة لتنصرهم، فربّما تغلّب المسلمون عليها قبل دخولها.

وبثّ السّرايا من كلّ جهة، واختطّ الناس المنازل من سرقوسة إلى قطانية وما حولها، وتزوّج المسلمون في الروم وسكنوا القرى، وسارع الناس إلى إمدادهم والغزو إليهم من إفريقية والأندلس وغيرهما، وأتتهم مراكب من الأندلس فيها كليب الأعرج ورجل يقال له المشّاط فنزلوا وافتتحوا قلعة تعرف بقلعة حفص. وأحرق أسد مراكب سرقوسة وقتل جماعة من أهلها فانقطعت الموادّ عن سرقوسة، واشتدّ عندهم الغلاء وذبحوا خيولهم. وأشير على أسد أن يرجع

وقيل له: سلامة مسلم واحد خير من الروم بأسرهم، فأبى أن يرجع وقال: ما كنت لأضيّع على المسلمين غزاة وفيهم خير كثير.

وأمر بالزحف وأخذ اللواء بيده وقرأ سورة يس حتّى فرغ منها، ثمّ قال: [146 أ] أيها الناس، لا تهابوهم، إنّهم عبيدكم، هربوا من أيديكم، ثمّ هم قد وقعوا لكم- يشير إلى من انهزم من الروم- عند فتح إفريقية.

ثمّ إنّه زحف وقاتل قتالا كثيرا، واشتدّت الحرب، وهزم الله المشركين، وكانوا في مائة ألف وخمسين ألفا. وقتل ملكهم في خلق كثير منهم.

وجرح أسد، فلم تزل به جراحته حتى [176 ب] مات وهو على حصار سرقوسة في شهر رجب سنة ثلاث عشرة ومائتين. فدفن بمدينة بلرم.

724 - شمس الخلافة [- 506] (?)

[147 أ] أسد، الملقّب شمس الخلافة، متولّي عسقلان [للآمر الفاطميّ].

[ ... ] فلمّا كانت سنة اثنتي عشرة وخمسمائة (?) عزم على الغدر والتغلّب على عسقلان، وأخرج القاضي وصاحب الترتيب (?) على أنّه يرسلهما إلى الباب في خدمة عرضت له.

وعيّن من العسكر من يخافه وأوهمهم أنّه يبعثهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015