وكان جميل المعاشرة حلو المحاضرة، ألف به الفخر ناظر الجيش واستكتبه في باب السلطان.
وباشر الإنشاء بصفد وغزّة وقلعة الرّوم.
وكانت له مع النوّاب وقائع ويخرج عنهم هاربا، وكتب بين يدي الصاحب شمس الدّين غبريال (?)، فاتّفق أن هرب مملوك الأمير شهاب الدّين قرطاي فظفر به الصاحب، وأمره أن يكتب على يده إلى مخدومه كتابا يقول فيه إنّه إنّما هرب خوفا منك (?)، فكتب وعبّر عن المقصود بقوله: إذا خشن المقرّ حسن المفرّ (?) فأنكر ذلك الصاحب وقال: ما هذه مليحة. فطار عقل ابن غانم فإنّه ظنّ أنّ ذلك يقع منه موقعا يهشّ له، وضرب الدواة بالأرض وقال: ما أنا ملزوم بالغلف القلف (?)! وخرج متوجّها إلى اليمن فكتب لصاحبها، وخرج منها هاربا فقدم صنعاء على الزيديّ، ثمّ عاد إلى دمشق بعد موت الفخر ناظر الجيش.
واختلط قبل موته بسنتين، ومات عن ستّ وثمانين سنة في [96 ب] شهر رمضان سنة سبع وثلاثين وسبعمائة بدمشق، وقد فلج وعجز عن الكلام.
ومن شعره [السريع]:
والله ما أدعو على هاجري ... إلّا بأن يمحن بالعشق
حتى يرى مقدار ما قد جرى ... منه وما قد تمّ في حقّي
وقوله [الكامل]:
يا نازحا عنّي بغير بعاد ... لولاك ما علق الهوى بفؤادي
أنت الذي أفردتني منّي فلي ... بك شاغل في مقصدي ومرادي
سهرت بحبّك مقلتي فحلالها ... فيك السهاد فلا وجدت رقادي
ورضيت ما ترضى فلو أقصيتني ... أيّام عمري ما نقضت ودادي
أنت العزيز عليّ إن أشكر لك ال ... وجد الذي أهديته لفؤادي
وله نوادر.
واتّفق له في خروجه مع العرب من دمشق أنّه نزل على الأمير حسين من خفاجة وأقام عنده بالسماوة يصلّي به ويتكلّم في شيء من العلوم.
فظنّ أنّه ابن الخليفة المستعصم (?) الذي قتله هولاكو ببغداد، واشتهر ذلك حتى بلغ السلطان الملك الظاهر بيبرس بمصر، فاجتهد حتى أقدمه إليه بقلعة الجبل خشية منه وسأله: [ابن] من أنت؟
فقال: ابن شمس الدّين محمد بن غانم.
فطلب والده من دمشق إلى القاهرة وأحضره بين يديه واعترف أنّه ولده.