المقفي الكبير (صفحة 474)

أبو العبّاس، الكاتب. قرأ على يعقوب بن السكّيت، وروى عن مشرّف بن سعيد الواسطيّ (?).

روى عنه عليّ بن سليمان الأخفش، وأبو بكر محمد بن هارون بن حميد بن المجدّر (?).

وكان من الأعيان الفضلاء، ولي ولايات جليلة وتنقّل فيها إلى أن مات بمصر. ومنشؤه ببغداد، تصرّف في الخدمة بالكتابة وقلّده المعتضد خراج ديار ربيعة وديار مضر وطريق الفرات في سنة ثمانين ومائتين ثمّ صرفه في سنة ثلاث وثمانين وطلبه إلى بغداد فقدمها وتقلّد عمالة آمد وميافارقين وأعمالها بعد أخذها من عيسى بن شيخ فوردها في زيّ الوزراء بأمر عظيم هائل، وكان يتقلّدها وصيف القائد (?) ويكتب له أبو إسحاق إبراهيم بن يعقوب التنوخيّ، فاستدعاه ابن بسطام يوما وقال له: لي حاجة عند صاحبك لا أس [أ] له إيّاها مجانا ولكنّي أعطيه عليها عشرة آلاف دينار، وأعطيك أنت ثلاثة آلاف دينار.

فقلت: يأمر مولانا.

فقال: قد وردت هذا العمل، وعليّ كلف، وأنت تعلم أنّ اتساع المعروف إنّما هو بمال السلطان، وهنا غلّات عظيمة لا يؤثّر فيها الارتفاق، وقد عوّلت على بيع شيء منها وأخذه، وأن أنسب ذلك في الحساب إلى أنّ الأعراب

أحرقوه ونهبوه. ويحتاج هذا إلى شهادة صاحبك لي فإنّ الوزير لا بدّ أن يكاتبه ويعرف منه صحّة الخبر وليس في هذا عيب فإنّي أقول إنّ الأعراب وردوا وهم ألوف لم يف بهم الجيش ولا أضعافه فيسقط عنه العتب بشهادتي له بعظم الأعراب وأبلغ أنا ما أريد بشهادته ويأخذ هو في الوسط عشرة آلاف دينار.

فاعتذرت بأنّه لا يجيب إلى هذا فقال: لا بدّ من محادثته في ذلك فإن [98 ب] أجاب وإلّا فعرّفه أنّ هذا يتمّ بغير حمده ولا يصير إليه منه شيء.

فمضى إلى وصيف وأعلمه ذلك. فغضب منه.

فعاد إلى ابن بسطام وأعلمه فقال له: هذا أحمق وأنت فأحسن الله جزاءك. وصرفه.

وأخذ ابن بسطام يبيع الغلال حتى حصل بها أربعين ألف دينار. وكتب إلى الوزير بأنّ الأعراب وردوا فأحرقوا من الغلال ونهبوا بكذا وكذا، وأنّ وصيفا قصّر في الحماية وضعف عن المدافعة وفشل عن القوم. فلم يشعر وصيف إلّا بكتاب الخليفة المكتفي (?) بالله قد ورد عليه بما ذكر عنه ابن بسطام ويقيم قيامته ويهدّده. فقال لكاتبه: ما ترى في هذا الرجل؟ أمس يراسلني على يدك بما عرفته ثمّ يكتب بمثل هذا؟ وأخذ يعمل محضرا يأخذ فيه خطوط أهل البلد يكذّب ما رمي به فدافعوه وأعلموا ابن بسطام وذلك أنّهم كانوا قد أسعفوا من ابن بسطام وسامحهم في المقاسمة وخفّف عنهم الخراج. فبعث إليه ابن بسطام يقول: لم أحضرت الثناء؟ وأيّ شيء تريد منهم، ولا يد لك عليهم، وإنّما لك الحماية والمعونة؟

وانتزعهم من يده قسرا ووضع محضرا أخذ فيه خطوطهم بصحّة ما ادّعاه، والشكاية من وصيف،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015