سعدون القرطبيّ. وروى عنه بالإجازة جماعة ماتوا قبله، منهم القاضي عياض.
وحدّث عنه أمم، منهم حمّاد الحرّانيّ، والحفّاظ: عليّ بن المفضّل، وعبد الغنيّ، وعبد القادر الرهاوي، والفقيه بهاء الدين ابن الجمّيزى، وخلائق، آخرهم أبو بكر محمد بن الحسن السفاقسي [المعروف بابن المقدسيّة] ابن أخت عليّ بن المفضّل المقدسي (?)، مات سنة أربع وخمسين وستّمائة. روى عن السلفيّ [حضور] الحديث المسلسل بالأوّليّة فقط (?).
وقال الذهبيّ: لا أعلم أحدا في الدنيا حدّث نيفا وثمانين سنة، سوى السلفيّ.
وتفقّه على الكيّا [أبي الحسن] الطبريّ، وفخر الإسلام الشاشيّ، ويوسف بن عليّ الزنجانيّ.
وأخذ الأدب عن أبي زكريا التبريزيّ، وغيره.
وقرأ القرآن بالقراءات [153 أ] على [ ... ].
وقال ابن عساكر: وتزوّج بالإسكندريّة امرأة ذات يسار، فسلّمت إليه مالها، فحصلت له ثروة بعد فقر وتصوّف. وصارت له بالإسكندريّة وجاهة.
وبنى له العادل أبو منصور بن عليّ بن إسحاق ابن السلّار وزير مصر مدرسة بالإسكندريّة، ووقف عليها وقفا.
وقال أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعانيّ:
هو ثقة، ورع، متقن، [57 ب] متثبّت، حافظ، فهم، له حظّ من العربيّة، كثير الحديث، حسن
الفهم والبصيرة فيه (?).
وقال الحافظ عبد القادر الرهاويّ (?): سمعت من يحكي عن الحافظ ابن ناصر أنّه قال عن السلفيّ: كان ببغداد كأنّه شعلة نار في تحصيل الحديث. قال عبد القادر: وكان له عند الملوك بمصر الجاه والكلمة النافذة، مع مخالفته لهم في المذهب. وكان لا يبدو منه جفوة لأحد. ويجلس للحديث، فلا يشرب ماء، ولا يبصق، ولا يتورّك، ولا تبدو له [قدم] (?) وقد جاوز المائة.
بلغني أنّ سلطان مصر حضر عنده للسماع، فجعل يتحدّث مع أخيه فزجرهما وقال: إيش هذا؟
نحن نقرأ الحديث، وأنتما تتحدّثان! (قال) وبلغني أنّه مدّة مقامه بالإسكندريّة- وهي أربع وستّون سنة- ما خرج إلى بستان ولا فرجة غير مرّة واحدة، بل كان عامّة دهره لازما مدرسته، وما كنّا نكاد ندخل عليه إلّا ونجده مطالعا في شيء. وكان حليما متجمّلا. وقد سمعت بعض فضلاء همذان يقول: السّلفيّ أحفظ الحفّاظ.
قال عبد القادر: وكان آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر، أزال من جواره منكرات كثيرة. وجاء جماعة من المقرئين بالألحان، فأرادوا أن يقرءوا، فمنعهم من ذلك وقال: هذه بدعة، بل اقرؤوا ترتيلا! - فقرءوا كما أمرهم.
وقال ابن نقطة (?): كان حافظا ثقة جوّالا في