المقفي الكبير (صفحة 1830)

يفي (?)، إنّما حلف علينا ليأتينّا منه شرّ.- وبعثوا إليه: إنّا ناصبون لكم جسرا فأقبلوا.

فأرسل الأشتر إلى عليّ فجاء ونصبوا له الجسر، فعبرت الأثقال والرجال. ووقف الأشتر في ثلاثة آلاف فارس حتّى لم يبق أحد، ثمّ عبر آخر الناس، فلمّا قطع عليّ الفرات سرّح زياد بن النضر وشريح بن هاني في اثني عشر ألفا نحو معاوية. فلقيهم أبو الأعور السلميّ في جند من أهل الشام، فدعوهم إلى طاعة عليّ فأبوا، فبعثوا إلى عليّ بذلك، فأمدّهم بالأشتر وجعله عليهم أميرا وقال له: إيّاك أن تبدأ القوم بقتال، إلّا أن يبدءوك. فإذا لقيتهم فادعهم، ولا يجرمنّك شنآنهم (?) إلى قتالهم قبل دعائهم والإعذار إليهم مرّة بعد مرّة. واجعل على ميمنتك زيادا وعلى ميسرتك شريحا، وقف من أصحابك وسطا، ولا تدن منهم دنوّ من يريد أن ينشب الحرب، ولا تباعد منهم بعد من يهاب البأس، حتى أقدم عليك، فإنّي حثيث السير إليك إن شاء الله.

وكتب إليهما: أمّا بعد، فقد أمّرت عليكما مالكا فاسمعا له وأطيعا، فإنّه ممّن لا يخاف رهقه ولا سقطاته ولا بطؤه عمّا الإسراع إليه أحزم، ولا الإسراع إلى ما البطء عنه أمثل. وقد أمرته بمثل الذي أمرتكما به الّا تبدأ القوم بقتال.

فسار الأشتر حتى قدم عليهم فكفّ عن قتالهم، ولم يزالوا متواقفين إلى المساء. فحمل عليهم أبو الأعور السلميّ بمن معه من أهل الشام فثبتوا له واضطربوا ساعة. ثمّ انصرف أهل الشام. واستمرّ القتال، فقتل منهم عبد الله بن المنذر التنوخيّ،

وأخذ الأشتر يقول: ويحكم! أروني أبا الأعور! - وقال لسنان بن مالك النخعيّ: انطلق إلى أبي الأعور فادعه إلى المبارزة!

فقال: إلى مبارزتك أو إلى مبارزتي؟

فقال الأشتر: أمرتك أن تدعوه إلى مبارزتي، إنّه لا يبرز إلّا لذوي الأسنان والأكفاء والشرف، وأنت، والحمد لله، من ذوي الأكفاء والشرف، لكنّك حديث السنّ، وليس يبارز الأحداث، ولكن ادعه إلى مبارزتي.

[دعوته أبا الأعور السلميّ للمبارزة]

فأتاه فنادى: أمّنوني فإنّي رسول! - فأمّن فجاء إلى أبي الأعور وقال: إنّ الأشتر يدعوك إلى مبارزته. (قال): فسكت عنّي طويلا ثمّ قال: إنّ خفّة الأشتر وسوء رأيه هو [الذي] حمله على إجلاء عمّال عثمان من العراق، وانتزائه عليه يقبّح محاسنه ويجهل حقّه [ ... ] ومن خفّة الأشتر وسوء رأيه أن سار إلى [26 ب] عثمان في داره وقراره حتّى قتله فيمن قتله فأصبح متّبعا بدمه، لا حاجة لنا في مبارزته، اذهب عنّي!

فرجع إلى الأشتر فأخبره، فقال: لنفسه نظر.

وتواقف الفريقان حتّى حجز بينهما الليل. وباتا متحارسين حتّى أصبحا، وانصرف أهل الشام.

وقدم عليّ رضي الله عنه فسار نحو معاوية، والأشتر في مقدّمته على أربعة آلاف، فإذا أبو الأعور قد سبق إلى سهولة الأرض وسعة المنزل وشريعة الماء. فأتاه الأشتر فأزاله عن موضعه. وأقبل معاوية في جميع الفيلق. فلمّا رأى ذلك الأشتر انحاز إلى عليّ، وغلب معاوية على الماء وحال بين أهل العراق وبين الماء، فأتى الأشعث بن قيس الكندي عليّا وقال: يا أمير المؤمنين، أيمنعنا القوم ماء الفرات، وأنت فينا ومعنا السيوف؟ خلّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015