القعدة سنة ثمان وأربعين وستّمائة. ومولده سنة خمس وثمانين وخمسمائة.
وسمع الحديث من ابن طبرزد، ومحمد بن وهب. روى عنه الدمياطيّ وغيره، وكان بطلا شجاعا ديّنا عابدا صالحا آمرا بالمعروف.
[20 أ] أصله مملوك فندش- بفاء ونون ثمّ دال مهملة مفتوحة- ضامن دار الطعم، وعدّاد الأغنام بحلب. كان يبيع أسقاط الغنم والأقصاب والتعاشير (?) وغير ذلك على رأسه وهو طائف بها.
ثمّ صار إلى فندش الضامن، فلمّا مات أستاذه رام أن يكون في الضمان عوضه، فلم يؤهّل لذلك فحنق. وتوصّل حتى كاتب السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون في سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة ينمّ بمباشري حلب، وأنّه يحصّل منهم مالا كثيرا [ ... ]، وقد ولّى شرف الدين عبد الوهّاب النشو نظر الخاصّ وفتح أبواب المصادرات وطلب شادّ حلب وناظرها وسائر دواوينها إلى القاهرة، وسلّموا لشادّ الدواوين. وخرج الأكز (?) لإحضاره، فقدم به في أوائل سنة أربع وثلاثين وسبعمائة. فلمّا وقف بين يدي السلطان رمى من يده دينارا ودرهما وفلسا، وقال: يا خوند، الدينار في حلب للمباشرين، والدرهم للنائب، والفلس لك.
فاستشاط السلطان غضبا وطلب مباشري حلب وسألهم عن الأموال، فتبرّءوا من الخيانة. فأخذ لؤلؤ يحاققهم ويغلظ في القول لهم ويفحش عليهم. والتزم بمائتي ألف دينار يستخلصها منهم، فسلّموا إليه، وخرج بهم إلى قاعة الوزارة من قلعة الجبل وعاقبهم بالمقارع وبالغ في عذابهم بحيث أنكر ذلك وساءت سمعته وهمّ العامّة برجمه إذا نزل من القلعة. فعرف السلطان ذلك، فاشتدّ غضبه وندب معه عدّة من الطائفة الأوشاقيّة لحفظه. وما زال يعاقب المباشرين ويستصفي أموالهم، ثمّ أخذهم ومضى إلى حلب، وقد أنعم عليه بإمرة. وعمل شادّ الدواوين بها فصادر الناس وتنوّع في عقوباتهم، حتى باع بعضهم أولاده في المصادرة.
وشنّعت القالة فطلب إلى مصر فحضر بتقادم سنيّة، وعني به النشو فقبلت تقدمته، وأقيم صحبة الأكز شادّ الدواوين، فاشتدّ ضرره وتزايد تسلّطه على الناس. وثقل على الأكز لعناية النشو به.
ثمّ أنعم عليه في سنة خمس وثلاثين بإمرة طبلخاناه وصار كلّ قليل (?) يلبس خلعة، فعظمت مهابته وكثر تحامقه وهوجه وخفّته. وتجرّأ على السلطان وحادثه بغير حضور الأكز، فلم يحتمل له ذلك الأكز وضربه على رأسه حتى انحلّت عمامته.
فاتّفق عقيب ذلك تنكّر الأمير قوصون على الأكز لعدم سياسة أمره معه. فرسم السلطان للنشو أن يفحص عن أمور الأكز، فلمّا أخذ مع لؤلؤ في الفحص عنه قال وطال، فطلبهما السلطان وتحاققا. فعلم لؤلؤ بالخصومة فولّاه شدّ الدواوين عن الأكز بعد ضرب الأكز وتقييده [20 ب] سنة ستّ وثلاثين. فاشتدّ بأسه وكثر تعاظمه، وأخذ في