عيّاش بن عبّاس القتبانيّ وموسى بن أيّوب الغافقيّ.
وولّاه عبد الله بن عبد الملك بن مروان الشرط، وجمع له القضاء والشرط عوضا عن عبد الرحمن بن حديج عقيب قدومه إلى مصر أميرا عليها فيجمادى الآخرة سنة ستّ وثمانين. فلم يزل إلى أن أتى بمولى لعبد الله بن عبد الملك وهو سكران فأمر به فجلد الحدّ، فقيل له: لا تفعل إنّه من خاصّة عبد الله. فقال: لو كان ابنه لحددته.
وكان عبد الله حينئذ بالإسكندريّة. فلمّا قدم وبلغه جلد عمران مولاه غضب وعزله وضيّق عليه وأمر بقميص من قراطيس فكتب فيه عيوبه وما رفع عليه، ثمّ أمر أن يلبسه ويوقف للناس. فبينا هو في المسجد يخاف ذلك أدرجت الريح إليه سحاءة (?) فنظر فيها فإذا هو: فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [البقرة: 137]. فأتى عبد الله خبر صرفه عن مصر فشغل عن عمران، وذلك في صفر سنة تسع وثمانين.
وقيل في سبب صرفه عن القضاء والشرط أنّ زرعة بن سعد الله ابن أبي زمزمة لمّا هجا عبد الله بن عبد الملك وأهدر دمه آواه عمران وأنّه هجا عبد الله فقال [الطويل]:
أنا ابن [أبي] بدر بهجرة يثرب ... وهجرة أرض النجاشيّ أفخر (?)
أمثلي على سنّي وفضل أبوّتي ... نسيت وهذا نجل مروان يذكر؟
وأنّه لمّا صرفه عبد الله وولّى عبد الواحد بن عبد الرحمن بن معاوية بن حديج [188 ب] القضاء عوضه، وكان غلاما حدثا، قال عمران يهجو عبد الله [الطويل]:
لحا الله قوما أمّروك، ألم يروا ... بأعطافك التخنيث كيف يريب؟
أتصرفني جهلا عن الحكم ظالما ... ووليته عجزا فتاة تخيب؟
ثكلتك من وال وأيضا ثكلته ... ألم يك في الناس الكثير نصيب؟
فأمر عند ذلك بعمل القميص من القراطيس.
وكانت ولاية عمران سنتين وخمسة أشهر. ثم ولى بحر مصر سنة ثلاث ومائة.
وتوفّي بعد ذلك، وكان من أبناء البدريّين وأهل العلم.
[188 أ] أبو مالك، أحد فرسان أهل مصر.
أصيب مبارزة، قتله رجل من كلب في محاربة مروان بن الحكم أهل مصر. وكان رئيس هذيل في تلك الحرب، وذلك في ربيع الأوّل سنة خمس وستّين. وفيه يقول المتنخّل الهذليّ [المتقارب]:
لعمرك ما إن أبو مالك ... بوان ولا بضعيف قواه
ولكنّه هيّن ليّن ... كعالية الرمح عود القناه
أبو مالك قاصر فقره ... على نفسه ومشيع غناه (2*)