[176 أ] عمارة بن أبي الحسن عليّ بن زيدان بن أحمد، الحكميّ، اليمني، أبو محمد، نجم الدين أو شمس الدين.
ولد بمدينة مرطان من وادي وساع بتهامة اليمن، وبعدها عن مكة في مهبّ الجنوب أحد عشر يوما. وأصله من قحطان ثم من الحكم بن سعد العشيرة المذحجيّ. وبقي أهله في تهامة من غير مخالطة أهل الحضر، فكانوا لا يناكحون حضريا ولا يجيزون شهادته ولا يرضون بقتله قودا بأحد منهم، فسلمت لغتهم من الفساد. وصارت رئاستهم وسياستهم إلى المثيب بن سليم جدّ عمارة لأمّه، وإلى زيدان بن أحمد جدّه لأبيه، وهما ابنا عمّ. وكان زيدان يقول: أنا أعدّ من أسلافي أحد عشر جدّا ما منهم إلّا عالم مصنّف في عدّة علوم.
فورث علي بن زيدان عمّ عمارة، ومحمد بن المثيب خاله رئاسة حكم بن سعد، ووقفت عليهما وانتهت إليهما. وتميّز علي بن زيدان في قومه بالسؤدد فلم يكن يغضب ولا يقذع في القول ولا يبخل ولا يجبن ولا يضرب مملوكا أبدا، ولا يردّ سائلا، ولا عرف أنّه عصى الله بقول ولا فعل.
وحجّ أربعين حجّة. فكان قومه لا يوردون ولا يصدرون إلّا عن رأيه ومشورته ويرون أنّه لو كان قرشيّا ودعاهم إلى بيعته لماتوا تحت رايته لاجتماع
شروط الخلافة فيه واشتماله على أخلاق الصّدّيقين وهمّة الملوك، إلّا أنّه عدم النسب في قريش.
ووفد إليه رجل من بني الحارث يدعى سالم بن شافع يستعين به في دية قتيل لزمته فوجده مريضا فأنشد [الوافر]:
إذا أودى ابن زيدان عليّ ... فلا طلعت نجومك يا سماء
ولا اشتمل النساء على جنين ... ولا روّى الثرى للسحب ماء
على الدنيا وساكنها جميعا ... إذا أودى أبو الحسن العفاء!
فلمّا سمعها دفع إليه ألف دينار وساق عنه الدية. وأجدب قومه مرّة ففرّق في المقلّين مائتي ناقة [لبون وأربعمائة بقرة] (1*) لبون ولم يقبلها بعد ما أغيثوا. وبعث مؤدّب ولده إليه بابنه ومعه لوح فيه إصرافة (2*) وكان في اللوح سورة ص فأرسل له [بمائة بقرة] لبون معها أتباعها وغلّة تحصّل منها نحو ألفي إردبّ سمسم [175 - ب].
وكانت أمواله لا تدخل تحت حصر مع الحماسة الشديدة والشجاعة.
وولد عمارة فبلغ الحلم في سنة تسع وعشرين وخمسمائة وخرج من [ ... ] (3*) إلى زبيد في سنة إحدى وثلاثين، فتفقّه بها على مذهب الشافعيّ، وبرع في الفرائض وقال الشعر. وحجّ مع الملكة الحرة أمّ فاتك ملك زبيد، فاتّصل بها وحصل له منها جانب قويّ وصورة جميلة وشفاعة مقبولة، وتقدّم على الأكابر والأعيان، وصحب الوزير القائد أبا محمد سرور الفاتكيّ القائم بالدولة في