وأوصاه بعليّ بن الفضل خيرا وتقدّم إلى علي وأوصاه (?). وودّعهما ودعا لهما.
قال أبو القاسم: ولمّا ودّعت الأهل وخرجت إلى القادسيّة سمعت حاديا يقول [الرجز]:
يا حادي الليل مليح الزجر ... بشّر مطاياك بضوء الفجر
(قال) فسررت به واستحسنت ذلك الفأل، ووافيت مكّة.
ثم دخل أبو القاسم [213 ب] وأبو الحسن اليمن في أوّل سنة ثمان وستّين ومائتين. فأقاما باليمن يدعوان الناس سنتين مستترين. ثم ظهرت الدعوة باليمن سنة سبعين ومائتين.
قال أبو القاسم: واجتمعت بقوم يقال لهم بنو موسى، من الشيعة. فأخذت عليهم العهد. فقالوا لي: إنّ لنا إخوانا من الشيعة بعدن لاعة.
فقلت: إليها أرسلت.
وسرت معهم فأصبت دار شيعة.
وتزوّج أبو القاسم: ابنة أحمد بن عبد الله بن خليع [وكان] داعيا للمهديّ (?).
قال أبو القاسم: وبعثت بكتاب ومال كثير وطرائف وطراز إلى المهديّ. فلمّا وصل إليه وقرأ الكتاب، تمثّل بهذه الأبيات [الرجز]:
الله أعطاك التي لا فوقها ... وكم أرادوا منعها وعوقها
عنك، ويأبى الله إلّا سوقها ... إليك، حتى طوّقوك طوقها
(1*) وفشا أمر الدعوة باليمن، وابتنى أبو القاسم حصنا (2*) بجبل لاعة وملك صنعاء وفرّق الدعاة في نواحي اليمن وإلى سائر البلدان إلى اليمامة والبحرين والسّند والهند وناحية مصر والمغرب.
وقال الأمير عزّ الدين أبو محمد عبد العزيز بن شدّاد بن تميم بن المعزّ بن باديس الحميري في كتاب «الجمع والبيان في أخبار القيروان ومن كان فيها وفي سائر المغرب من الملوك والأعيان»:
أوّل من أظهر الزندقة في الإسلام أبو الخطّاب (3*) محمد بن أبي زينب مولى بني أسد، وأبو شاكر ميمون بن ديصان بن سعيد الغضبان صاحب كتاب «الميدان» في نصرة الزندقة، وأبو سعيد [ ... ] (4*) من أهل رامهرمز من كورة الأهواز، وكان من خرّميّة المجوس. فألقى هؤلاء إلى من اختصّوا به أنّ لكلّ شيء من العبادات باطنا، وأنّ الله ما أوجب على أوليائه ومن عرف الأئمّة والأبواب (5*) صلاة ولا زكاة ولا صوما ولا حجّا، ولا حرّم