المقفي الكبير (صفحة 1658)

والإفضال، معدّلا عند القضاة متمكّنا عند السلطان يجلس في أرفع مجلس.

وكان ندّا لأبي محمد الحسن بن طاهر بن يحيى (?) إلى أن مات. فصار ندّا لابن أخيه أبي جعفر مسلّم بن عبيد الله بن طاهر لا يلتقي معه إلّا في مجلس السلطان أو في قضاء حقّ لأحدهما.

وكان لعبد الله إنعام كثير، فيرسل إلى كلّ مخالط له أو منقطع إليه القمح والضحايا في كلّ سنة. ومنهم من يرسل إليه الحطب مع القمح من ضياعه. وكان يرسل إلى أبي القاسم أو نوجور بن الإخشيد أمير مصر وإلى أخيه الضحايا: النوق والبقر والكباش. وكان ينفذ إلى كافور الضحايا، وإلى الوزير أبي الفضل جعفر بن الفضل بن الفرات.

وكان يرسل الحلواء (?) المعمولة في داره فينفذ إلى كافور في كلّ يوم جامين، وإلى الوزير أبي الفضل وإلى سائر الرؤساء ومن يختصّ به. فكان منهم من يرسل إليه الحلواء في كلّ يوم، ومنهم من يرسل إليه بين يومين، ومنهم من يرسل إليه في كلّ جمعة. وكان في داره رجل يكسّر اللوز

للحلواء بدينارين في كلّ شهر (1*). وكان يرسل إلى كافور في كلّ يوم جامين حلواء، ورغيفا في منديل مختوم، فخوطب كافور في الرغيف وقيلله:

الحلواء أحسن، وأيّ شيء تصنع بالرغيف؟

فأرسل إليه: يجريني الشريف على عادته في الحلواء، ويعفيني من الرغيف.

فركب إليه وقال: أيّدك الله! إنّا ما نرسل الرغيف تطاولا ولا تعاطيا (2*)، وإنّما هي صبيّة [183 ب] حسنيّة بكر تعجنه بيدها وتخبزه بيدها، فنرسله على سبيل التبرّك. وإذا كرهته قطعناه.

فقال: لا والله، لا تقطعه! ولا يكون لي غداء سواه.

وكان عبد الله حسن المعاملة. يوفّي (3*) معامليه، حسن الإفضال عليهم، ملاطفا لهم، يركب إليهم وإلى سائر أصدقائه، ويقضي حوائجهم، ويطيل الجلوس عندهم. وأغنى جماعة (4*) وكان حافظا لمخلّفيهم، وله مع ذلك برّ كثير. قال ابن زولاق (5*): حدّثني قال:

رأيت فيما يراه النائم، ولي أقلّ من عشرين سنة، كأنّ طاقا مفتوحا في السماء، فصعدت منه ومشيت حتى انتهيت إلى بيت في صدره سرير أسود عليه امرأة أعلم أنّها خديجة زوجة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015