وحذق في الحديث وأبصر علله. وروى كتاب البخاري فأبرّت روايته على رواية من قبله [ ... ] (?) وألّف كتبا كثيرة نفّاعة منها كتاب «الدليل على أمّهات المسائل» في السنّة (?).
وسمع الخليفة الحكم بخبره وهو بالمشرق، وكان معتنيا بهذا الشأن فاستجلبه من العراق وأقبل نحو الأندلس. فلمّا وصل منها إلى المريّة مات الحكم فانعكس أمله وبقي حائرا، وكان مقلّا.
ثم نهض إلى قرطبة حضرة السلطان ونشر بها علمه فشهر ذكره، وشرق فقهاؤها بمكانه، وبقي بها مدّة مضاعا حتّى همّ بالانصراف إلى المشرق.
فلمّا كانت أيّام المنصور محمد بن أبي عامر، وعرف مكانه في العلم وبعد أثره في طلبه، وكنه قيامه به، وحفظه ونبله ويقظته، رغب في اتّخاذه واصطناعه. وكان أوّل ما وصله به من أسباب النباهة أن أمر بإجراء الرزق عليه باسم المقابلة (?) فنعشه به. ثمّ أخرج أمر السلطان الأكبر بتقديمه إلى الشورى.
ثم ولي قضاء سرقسطة.
وكان من حفّاظ رأي مالك بن أنس، إلّا أنّه كان على مذهب العراقيّين من أصحابه في وضع الحجاج والتكلّم على الأصول وترك التقليد.
وكان مع ذلك من أعلم الناس بالحديث وأنقدهم له، وأبصرهم بعلله ورجاله. وكان يحضّ أصحابه على طلب الحديث واكتتابه ولا يرى أنّ من خلا من علمه فقيه على حال.
وكانت وفاته سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة على إثر موت [المنصور] ابن أبي عامر. فدفن بمقبرة الرصافة، وصلّى عليه القاضي أبو العبّاس بن ذكوان.
[183 أ] عبد الله بن أحمد بن علي بن الحسن بن إبراهيم طباطبا بن إسماعيل الديباج بن إبراهيم الغمر بن الحسن (المثنّى) بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، الشريف أبو محمد بن [ ... ].
ولد في سنة ستّ وثمانين ومائتين، وتوفّي بمصر في ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة.
وكان عين بني عليّ كلّهم بمصر، وله ضياع ورياع (2*)، ونعمة ظاهرة، وعبيد وحاشية وغاشية (3*)، لا يركب إلّا في موكب من أهله وخاصّته ومن في جملته ومن يلقاه.
وكان الإخشيد أبو بكر محمد بن طغج أمير مصر قد اختصّ به. وكان يسايره إذا ركب. وكان مع هذا من أهل الستر والصيانة والعفاف