وكان يقضي فيمن اعترف لرجل بحقّ له عليه ثمّ ادّعى أنّه قد قضاه إيّاه، ولا يبيّنه عنده، أنّه يلزمه ما اعترف به. وكان يقول: من اعترف عندنا بشيء، أخذناه به.
وكان يقضي بالمتعة على من طلّق امرأته، وقال الليث: لا أعلم أحدا قضى بذلك غيره.
وقضى بالشفعة للشركاء على قدر حصصهم.
فيدفع الربع لمن له الربع، والثلث لمن له الثلث.
وكان يقضي بشهادة الصبيان في الجراح التي تكون بينهم. وأجاز شهادة ذي الرحم لرحمه إذا كان معروفا بالعدالة.
وكان يسجن في الديون، ثمّ يكشف عن أمره إذا ادعى العدم: فإن شهد له جيرانه بالعدم أطلقه من ساعته. وكان يطلّق على المعدم امرأته إذا خاصمته في النفقة عليها، وقال: لا أجد ما أنفق.
وكان يقبل شهادة النصارى على النصارى واليهود على اليهود ويسأل عن عدالتهم في أهل دينهم. وكان يقضي بين المسلمين في المسجد، ثمّ يجلس على باب المسجد بعد العصر على المعاريج فيقضي بين النصارى. وكان له مجلس يشرف على الطريق على باب داره، فكان يجلس فيه يسمع ما يجري بين الخصوم من الكلام.
ودخل عليه رجل فأطعمه طعاما وهو على القضاء. وإذا الرجل مخاصم. فأحضر خصم الرجل وأحضر الطعام فعرضه عليه لئلّا ينقطع الخصم عن حجّته.
وقال سهيل بن عليّ: كنت ألازم خير بن نعيم وأجالسه وأنا حدث السنّ، وكنت أراه يتجر في الزيت، فقلت له: وأنت أيضا تتجر؟ - فضرب بيده على كتفي ثمّ قال: انتظر حتّى تجوع ببطن غيرك!
فقلت: وكيف يجوع إنسان ببطن غيره؟
فلمّا اب [ت] ليت بالعيال، إذا أنا أجوع ببطونهم.
وأتاه عبد الملك بن مروان بن موسى بن نصير أمير مصر يخاصم ابن عمّ له، فقعد على مفرشة.
فقال خير: قم مع ابن عمّك!
فقال: كأنّك وجدت علينا أن صيّرناك كاتبا بعد القضاء؟ - وقام ولم يخاصم.
والله أعلم. تمّت.
وبعده حرف الدال (?)
داود بن مقدام بن مظفّر، أبو سليمان، رضيّ الدولة، المحلّيّ، من أبناء الجند. قال فيه القاضي الفاضل: شاعر ملئ فطنة [ ... ].
ومن شعره [الطويل]:
لئن لذّ لي طول المقام ببلدة ... لدى ملك يثني عليه المهاجر
ففي الناس من يقضي من الحجّ فرضه ... وآخر من طيب المقام يجاور
ومنه: [المتقارب]:
إذا كنت في الليل تخشى الرقي ... ب إذ أنت كالقمر المشرق
وكان النهار لنا فاضحا ... فبالله قل لي متى نلتقي؟