رجل يبتاع بها حمارا، فدفعها إلى رجل فلم يجد بالثلاثة حمارا، ولم يجده إلّا بأربعة. فقال الرسول: أنا أدفع إليك الدينار الرابع، فإن رضي صاحب الحمار أخذت منه الدينار، وإن كره أخذت الحمار لنفسي. فاشترى الحمار على ذلك الشرط. فسرق بالطريق، فقضى خير أنّ الحمار للرسول وأنّ الثلاثة إلى صاحبها ردّ.
وتخاصم عنده اثنان، فادّعى أحدهما على الآخر بعشرين دينارا، فسكت المدّعى عليه، فقال له خير: ما تقول؟
فلم يجب. فقال: ما يخلّصك السكوت!
فناوله رقعة وقال: استرها سترك الله!
فسترها بكمّه وقرأها، فإذا فيها: العشرون دينارا في ذمّتي، وما عليّ بها شاهد ولا بيّنة. وأنا حائر اليوم في حقّ الرسول: فإن اعترفت اعتقلني.
وإن أنكرت استحلفني، افتنا يرحمك الله!
فبكى خير وأخرج منديل كمّه، واستدعى ميزان الذهب، فوزن عشرين دينارا لربّ الدّين. فقال له ربّ الدّين: ما هذا؟
قال: خلاص هذه المسألة- وقرأ الورقة عليه.
فقال: وأيّ شيء أردت بهذا؟
قال أجرها وثوابها.
قال: أنا أحقّ بالأجر والثواب، والله لا طليتها أبدا!
فقال خير: هؤلاء (?) خرجوا، والله ما بقي لها رجعة!
فتخلّص الرجل من الدّين وربح عشرين دينارا.
وحضر عنده اثنان عند صلاة المغرب ومعهما جمل يتحاكمان فيه. ففزع إلى الصلاة وتركهما.
فلمّا أصبح دخلا إليه بغير جمل، فقال أحدهما:
اشتريت من هذا جملا باثنى عشر دينارا، فخرج به عيب واضح، فأبى أن يردّه إلّا بحكم حاكم.
فجئناك البارحة فلم نجدك. فمضينا بالجمل فمات. أيكون في كيسي أو كيسه؟ [448 ب]
قال: لا، بل في كيس القاضي الذي لم يبتّ الحكم بينكما- ووزن له ثمن الجمل.
ومات رجل عن غير وصيّة، وعنده بضاعة لرجل، وقبله شركة لرجل في متاع، وعنده وديعة يتيم، وعليه صداق لامرأته. فقضى خير أنّ ما كان قبله من شركة أو بضاعة فإنّها تردّ إلى أصحابها، وأنّ صداق امرأته والوديعة إذا لم توجد أسوة الغرماء.
وذكر مخرمة بن بكير أنّ مكاتبا لهم بزويلة كان له ولد أحرار من امرأة حرّة. فهلك المكاتب، فاختلفوا في ميراثه، فقال خير: لا يرثه ولده الأحرار حين مات وهو مكاتب.
(قال): ثمّ قدمت المدينة فسألت سعد بن إبراهيم قاضي المدينة، فقال مثل ذلك.
وكان خير يرخّص لمن توفّي عنها زوجها من نساء الغزاة الذين يغزون بأهلهم المواحيز (?)، فيتوفّى أزواجهنّ في المواحيز قبل انقضاء الرباط أن ينصرفن فيعتددن في بيوت أزواجهنّ التي خرجوا منها إلى الرباط.
وكان يقضي في المواريث أنّ الخيار للمشتري في ردّ ما اشترى حتّى يباع شيء غيره ويكتبه الكاتب.
وكان يدخل إليه الخصمان فيخاطبانه بالقبطيّة ويردّ عليهما بها. ويشهد عنده الشهود بالقبطيّة فيسمع منهما ويحكم بها.