الحسين به فضرب في الشرطة ألفا وثمانمائة سوط ودرّة، وطيف به فمات. وشهد أكثر الناس من أهل البلد جنازته وزاروا قبره بكرة وعشيّا فندم القاضي على فعله فيه.
وفي ثالث رجب سنة [541 أ] تسعين وثلاثمائة، فوّض الحاكم بأمر الله للقاضي أبي القاسم عبد العزيز بن محمد بن النعمان النظر في المظالم وأذن له أن يسمع البيّنة فيها، فقبل جماعة من الشهود اختارهم بعد ما راسل قوما وامتنعوا من الشهادة عنده، رغبة منهم في الشهادة عند قاضيالقضاة الحسين. فوقع بذلك بين الناس [407 ب] اختلاف، وصار من رفع غريمه إلى الحسين يريد خصمه عبد العزيز، ومن خاصم إلى عبد العزيز طلب غريمه إلى الحسين، ولا تزال الشرور بين الناس بهذا السبب، وصار عبد العزيز إذا جلس بالجامع حضر الشهود عنده ولا يحضر أحد عند الحسين ولا يصير إلى داره.
وفي تاسع صفر سنة إحدى وتسعين [وثلاثمائة]، قام رجل مغربي (?) إلى القاضي حسين وهو في صلاة العصر بالجامع فضربه بحديدة في جبهته، وجرحه ثلاث جراحات، فثار الناس به وضجّوا ضجّة عظيمة وبطشوا بالرجل فمات لوقته وبقي مطروحا إلى العشاء ثمّ صلب فسرق بعد عشرة أيّام في الليل. ولزم القاضي داره لما به وعاده سائر أهل الدولة. ثمّ ركب في الخامس من ربيع الأوّل إلى القصر، فخلع عليه وقيد بين يديه بغلتان بسروجهما ولجمهما، وحملت عدّة خلع على أيدي الخدّام إليه.
وقبض على رجل من أهل الشام سئل عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، فقال:
«لا أعرفه». فاعتقله القاضي وبعث إليه أربعة من الشهود فسألوه عن عليّ رضي الله عنه، فأقرّ بالنبيّ صلّى الله عليه وسلم وأنّه نبيّ مرسل وقال: «لا أعرف علي بن أبي طالب». فاستدعاه قائد القوّاد الحسين بن جوهر ورفق به فلم يرجع فضرب عنقه بأمر الحاكم وصلب (?).