المقفي الكبير (صفحة 1242)

فانعم به، لا زلت من ... ريب الحوادث في أمان

فاستجاد سرعتها وخلع عليّ وكتبها في الطارمة.

[قال] وكان أبو القاسم ملولا، والملول ربّما ملّ الملالي (?)، وكان لا يملّ أن يملّ، ويحقد حقد من لا تلين كبده، ولا تنحلّ عقده. وقال لي بعض الرؤساء معاتبا: أنت حقود، ولم يكن حقودا.

فقلت له: أنت لا تعرفه. والله ما كان يحنى عوده ولا يرجى عوده. وله رأي يزيّن له العقوق، ويمقّت إليه رعاية الحقوق، بعيد من الطبع الذي هو للصدّ صدود، وللتأليف ألوف ودود، كأنّه من كبره قد ركب الفلك، واستوى على ذات الحبك (?). ولست ممّن يرغب في راغب عن وصلته، أو ينزع إلى نازع عن خلّته، ويؤثّل حالا عند من يحبّ ثلّته (?)، أو يقبل بوجهه على من لا يجعله قبلته. فلمّا رأيته سادرا جاريا في قلّة إنصافي على غلوائه، محوت ذكره عن صفحة فؤادي، واعتددت ودّه فيما سال به الوادي [الطويل]:

ففي الناس إن رثّت حبالك واصل ... وفي الأرض عن دار القلى متحوّل

وأنشدت الرجل أبياتا أعتذر بها في قطعي له [الطويل]:

فلو كان منه الخير إذ كان شرّه ... عتيدا، لقلنا: إنّ خيرا مع الشرّ

ولو كان، إذ لا خير، لا شرّ عنده ... صبرنا، وقلنا: لا يريش ولا يبري

ولكنّه شرّ ولا خير عنده ... وليس على شرّ إذا دام من صبر

وبغضي له- شهد الله- حيّا وميتا، أوجبه أخذه محاريب الكعبة الذهب [464 ب] والفضّة، وضربها دنانير ودراهم- وسمّاها الكعبيّة- وأنهب العرب الرملة وخرّب بغداد. وكم دم سفك، وحريم انتهك، وحرّة أرمل، وصبيّ أيتم! .

قال كاتبه وجامعه (?): قد صرّح- عفا الله عنه- أنّه عدوّ غضبان، وقلّ أن تكون مع هذين سلامة من عدوان. فلا تلتفت إلى تحامله في كلامه، وتعدّيه في عتبه وملامه، لا سيّما وهو مرميّ بالكذب والمين.

1247 - ابن دوّاس الكتاميّ [- 411] (?)

[465 أ] حسين بن عليّ بن دوّاس، الكتاميّ، يلقّب سيف الدين.

كان أحد شيوخ كتامة. فتنكّر له الحاكم بأمر الله أبو عليّ منصور ابن العزيز، وتحرّز منه ابن دوّاس وامتنع من دخول القصر أو لقاء الحاكم إلّا في الموكب وعلى ظهر الطريق. فإذا استدعاه تأخّر عنه واعتذر إذا لقيه. فلمّا طال ذلك أنكر عليه الحاكم تأخّره، فقال له: قد خدمتك يا مولاي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015