فلو كنت بالعنقاء أو بأسومها ... لخلتك إلّا أن تصدّ قراني (?)
ثمّ قال: والله يا أيّها الأمير، والله إن قلت إلّا خيرا، إنّما قلت:
يحنين أطراف البنان من التقى ... ويخرجن شطر الليل معتجرات
[337 ب] فعفا عنه. ثمّ قال: أخبرني عن قولك [الطويل]:
ولمّا رأت ركب النميريّ أعرضت ... وكنّ من أن يلقينه حذرات
في كم كنتم؟
قال: كنت على حمار هزيل، ومعي صاحب على أتان مثله.
*** ويقال: إنّ الحجّاج كان هو وأخوه معلّمين بالطائف، وكان لقبه كليبا، وفي ذلك يقول القائل [المتقارب]:
أينسى كليب زمان الهزال ... وتعليمه سورة الكوثر؟
رغيف له فلكة ما ترى ... وآخر كالقمر الزاهر
يريد: أنّ خبز المعلّمين يأتي مختلفا لأنّه من بيوت صبيان مختلفي الأحوال. وقال آخر [المتقارب]
كليب تمكّن في أرضكم ... وقد كان فينا صغير الخطر
ولمّا دخل الحجّاج مكّة اعتذر لأهلها بقلّة ما
وصلهم به، فقال قائل منهم (?): إذن والله لا نعذرك، وأنت أمير العراقين، وابن عظيم القريتين، يريد عروة بن مسعود الثقفيّ [والوليد بن] المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم، فأمّا عروة فإنّه ولد الحجّاج من قبل أمّه.
ورأى الحجّاج في منامه أنّ عينيه قلعتا فطلّق الهندين: هند بنت المهلّب، وهند بنت أسماء بن خارجة، فلم يلبث أن جاءه نعي أخيه من اليمن في اليوم الذي مات فيه ابنه محمّد، فقال: هذا والله تأويل رؤياي. (ثم قال): إنّا لله وإنّا إليه راجعون، محمد ومحمد في يوم واحد! (ثم قال- الطويل):
عزائي نبيّ الله من كلّ ميّت ... وحسبي ثواب الله من كلّ هالك
إذا كان ربّ العرش عنّي راضيا ... فإنّ شفاء النفس فيما هنالك (?)
وقال: من يقول شعرا يسلّيني؟
فقال الفرزدق (?) [الكامل]:
إنّ الرزيّة لا رزيّة مثلها ... فقدان مثل محمّد ومحمّد
ملكان قد خلت المنابر منهما ... أخذ الحمام عليهما بالمرصد
فقال: لو زدتني؟
فقال [البسيط]:
إنّي لباك على ابني يوسف جزعا ... ومثل فقدهما للدين يبكيني