المتراهنين بالحيازة، إسقاط حق غيرهما؛ إذ قد يفلس الراهن فلا يقبل منه إقراره بعد التفليس بالحيازة.
ولو وجد الرهن بيد المرتهن بعد التفليس، فادعى أنه قبضه قبل التفليس - وجحد ذلك الغرماء؛ لجرى الأمر على الاختلاف في الصدقة توجد بيد المتصدق عليه بعد موت المتصدق، فيدعي قبضها في صحته؛ وفي المدونة دليل على القولين جميعا. ولو لم يتعلق بذلك للغرماء حق، لوجب أن يصدق الراهن ويقبل إقراره له أنه قد حاز الرهن، فيكون بإقراره له شاهدا على حقه إلى مبلغ قيمته.
فصل
واختلف في ضمان الرهن إذا هلك بيد المرتهن من غير أن يكون هو مستهلكه، فقالت طائفة من أهل العلم: إن كان الرهن مثل الدين أو أكثر منه، فهو بما فيه؛ وإن كان أقل من الدين، ذهب من الدين بقدره ورجع المرتهن على الراهن بما نقص من حقه؛ وقالت طائفة يذهب الرهن بما فيه من الدين كانت قيمته مثل الدين أو أكثر منه أو أقل، ولا يرجع واحد منهما على صاحبه بشيء. وقالت طائفة يترادان الفضل بينهما- إن كانت قيمة الدين أكثر من قيمة الرهن، رجع المرتهن على الراهن بالفضل، وإن كانت قيمة الرهن أكثر، رجع الراهن على المرتهن بما فضل من قيمة الرهن على الدين؛ ويروى هذا القول عن ابن عمر، وعلي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وذهب مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلى أنه إن كان الرهن مما يغاب عليه ويخفى هلاكه نحو الذهب والفضة والعروض والطعام والمتاع، ترادا الفضل فيما بينهما؛ إلا أن تقوم بينة على هلاكه من غير سببه، فيكون ضمانه من الراهن ويكون الدين ثابتا بحاله، وقد روي عن مالك - رحمه