الاختلاف بين أهل العلم في الحد الذي يحكم للإنسان فيه بحكم الرشد ويدفع إليه ماله ويمكن من التصرف فيه.

فصل

والاختلاف في هذا إنما هو على حسب الأحوال وهي تنقسم على أربعة أقسام، حال الأغلب من صاحبها السفه، فيحكم له فيها بحكمه وإن ظهر رشده. وحال الأغلب من صاحبها الرشد، فيحكم له فيها بحكمه- وإن علم سفهه. وحال محتملة للرشد والسفه، والأظهر فيها السفه؛ فيحكم له بحكم ما لم يظهر رشده؛ وحال محتملة أيضا للرشد والسفه، والأظهر من صاحبها الرشد فيحكم له فيها بحكمه ما لم يظهر سفهه على اختلاف كثير بين أصحابنا في بعض هذه الأقسام.

فصل

فأما الحال التي يحكم له فيها بحكم السفه- وإن ظهر رشده - فمنها حال الصغر، لا اختلاف بين مالك وأصحابه أن الصغير الذي لم يبلغ الحلم من الرجال والمحيض من النساء، لا يجوز له في ماله معروف من هبة ولا صدقة ولا عطية ولا عتق- وإن أذن له في ذلك الأب أو الوصي- إن كان ذا أب أو وصي، وإن باع أو اشترى أو فعل ما يشبه البيع والشراء مما يخرج على عوض ولا يقصد فيه إلى فعل معروف، كان موقوفا على نظر وليه- إن كان له ولي، فإن رآه سدادا وغبطة أجازه وأنفذه، وإن رآه بخلاف ذلك رده وأبطله، وإن لم يكن له ولي قدم له ولي ينظر له في ذلك بوجه النظر والاجتهاد، وإن غفل عن ذلك حتى يلي أمره كان النظر إليه في إجازة إنفاذ ذلك أو رده.

واختلف إذا كان فعله سدادا ونظرا مما كان يلزم الولي أن يفعله: هل له أن يرده وينقضه إن آل الأمر إلى خلاف ذلك بحوالة الأسواق أو نماء فيما باعه أو نقصان فيما ابتاعه، أو ما يشبه ذلك، فالمشهور المعلوم في المذهب أن ذلك له، وقيل: إن ذلك ليس له وهو الذي يأتي على ما وقع لأصبغ في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015