فصل

فالعبد يملك على مذهب مالك ما ملكه سيده أو ملكه غيره، ما لم ينتزعه منه سيده، فملكه لماله ليس كملك الحر الذي لا يحل لأحد أن يأخذ شيئا من ماله إلا عن طيب نفسه؛ إلا أنه مال له على مذهبه يجوز له أن يتسرى فيه إذا أذن له سيده، ويطأ بملك يمينه- ولو لم يكن عنده ماله لم يجز له أن يطأ بملك يمينه؛ لأن الله سبحانه وتعالى لم يبح الفرج إلا بالنكاح، أو ملك اليمين، فقال تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} [المؤمنون: 5] {إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} [المؤمنون: 6] {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [المؤمنون: 7] وعلى هذا أسقط الزكاة عن السيد في مال عبده وقال: إنه إذا حلف بعتق عبيده فحنث لا يعتق عليه عبيد عبيده؛ فهذا أصل مذهبه.

وأما قوله: إن العبد إذا ملك من يعتق على سيده يعتق عليه. وقوله: إن الرجل إذا حلف ألا يركب دابة رجل فركب دابة عبده أنه حانث؛ فقد حمل بعض الناس ذلك على أنه اضطراب من قوله في أن العبد يملك، وجريان منه على غير أصله في ذلك، وليس ذلك بصحيح؛ لأنه إنما حنثه في ركوب دابة عبده، من أجل أنه لا يجوز له ركوبها- وإن أذن له العبد إلا بإذن سيده؛ والحنث يقع بأقل الوجوه؛ وإنما قال: إنه يعتق عليه من ملك العبد ممن يعتق عليه من أجل أنه يملك انتزاعهم منه، فلما كان يملك انتزاعهم عتقوا عليه، إذ لو انتزعهم لعتقوا عليه بإجماع، فيجري ذلك على الاختلاف في الرجل يشتري من يعتق عليه على أنه فيه بالخيار ولا يدخل الاختلاف على هذا في الزكاة في مال العبد، ولا في عتق عبيد عبيده بالحنث؛ لأن الحنث والزكاة قد وجبا قبل الانتزاع، فلا يلزم بالانتزاع شيء وذهب الشافعي وأبو حنيفة وأصحابهما إلى أن العبد لا يملك شيئا بحال من الأحوال، فكل ما بيده من مال على مذهبهم، فإنما هو للسيد فلم يجيزوا له

طور بواسطة نورين ميديا © 2015