يقدر على أدائه حتى توفي، فعلى الإمام أن يؤدي ذلك عنه من بيت مال المسلمين، أو من سهم الغارمين من الصدقات، أو من الصدقات كلها- إن رأى ذلك على مذهب مالك، ومن يرى أنه إن جعل الزكاة كلها في صنف واحد، أجزأه، وقد قيل: لا يجوز أن يؤدى دين الميت من الزكاة، فعلى هذا القول إنما يؤدي الإمام دين من مات وعليه دين من بيت المال من الفيء الحلال للفقير والغني.
وواجب على كل ذي دين أن يوصي بأدائه، فإذا فعل وترك من المال ما يفي بدينه، فليس بمحبوس عن الجنة من أجل دينه؛ وكذلك إن لم يترك وفاء دينه، فعلى الإمام أن يؤديه عنه من بيت المسلمين، أو مما فرض الله في الزكاة للغارمين، فإن لم يفعل، فهو المسئول عن ذلك وليس صاحب الدين بمحبوس عن الجنة من أجل دينه إذا لم يقدر على أدائه في حياته وأوصى بأدائه بعد مماته.
وقد استعاذ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الدين فقال: «اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم» وقال عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إياكم والدين فإن أوله هم، وآخره حرب.
فصل
ومن كان عليه دين ولم يكن له مال يؤديه منه، فهو في نظرة الله تعالى إلى أن يوسر، ولا يحبس ولا يؤاجر ولا يستخدم ولا يستعمل؛ لأن الدين إنما تعلق بذمته، فلا يصح أن يؤاجر فيه. قال ابن المواز حرا كان أو عبدا: مأذونا له في التجارة وهذا قول مالك وجمهور أهل العلم، خلافا لأحمد بن حنبل في قوله: إن المعسر يؤاجر في الدَّين، والدليل على صحة ما ذهب إليه مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -، قول الله عز وجل: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280]، معناه إن حضر ذو