ثم وضع راحته على جبهته ثم قال سبحان الله ماذا أنزل الله من التشديد في الدين» أو قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صاحب الدين مأسور يوم القيامة بالدين» وقال - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «نفس المؤمن معلقة بدينه» أو قال: «ما كان عليه دين حتى يقضى عنه» وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من كان هاهنا من بني فلان؟ " فلم يجبه أحد، ثم قالها فلم يجبه أحد ثم قالها فلم يجبه أحد، ثم قالها فلم يجبه أحد؛ فقام رجل، فقال له رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "ما منعك أن تجيب؛ " فقال خشيت أن يكون نزل فينا من الله قرآن، فقال: "لم أكن لأدعو أحدا منكم إلا إلى خير، ولكن صاحبكم حبس بدين عليه دون الجنة».
«وقال لسعد بن الأطول: " إن أخاك محبوس في دينه فاقض عنه». فيحتمل أن تكون هذه الأشياء إنما وردت فيمن تداين في سرف أو فساد غير مباح، أو فيمن تداين وهو يعلم أن ذمته لا تفي بما تداين به؛ لأنه متى فعل ذلك فقد قصد إلى استهلاك أموال الناس؛ وقد قيل: إن هذا كله كان من النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الدين قبل أن يفتح الله عليه الفتوحات، وقبل أن يفرض على الناس الزكوات؛ فما أنزل الله تعالى براءة، ففرض فيها الزكوات وجعل منها للفارسي سهما، وأنزل آية الفيء والخمس، فجعل فيها حقا للمساكين وابن السبيل، قال حينئذ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «من ترك مالا فلورثته ومن ترك دينا فعلي».
فكل من ادَّان في مباح وهو يرى أن ذمته تفي بما ادَّان به فغلبه الدين فلم