الشم، وحاسة الذوق، وحاسة اللمس؛ فيدرك بالعقل مع حاسة السمع الكلام وجميع الأصوات المسموعات؛ ويدرك بالعقل- مع حاسة البصر جميع الأجسام والأعراض والأشخاص المبصرات، ويدرك بالعقل مع حاسة الشم جميع الروائح المشمومات، ويدرك بالعقل مع حاسة الذوق جميع الطعوم المذوقات، ويدرك بالعقل مع حاسة اللمس جميع الملموسات- على اختلافها في اللين والخشونة، وما أشبه ذلك.
والثالث: الأخبار المتواترة، فإنه يعلم بها أخبار البلدان النائية، والقرون الماضية، وظهور النبي، ودعائه إلى الإسلام، وما أشبه ذلك.
فالعلوم المدركة من هذه الوجوه الثلاثة: علم ضرورة يلزم النفس لزوما لا يمكنها الانفصال منه ولا الشك فيه.
والوجه الرابع: الذي يدرك به العلم هو النظر والاستدلال، والنظر والاستدلال مبني على علم الضرورة، أو على ما بني على علم الضرورة، أو على ما بني على ما بني على علم الضرورة- هكذا أبدا إلى ما أمكن ضبطه، وصح وجوده؛ مثال ذلك أن الإنسان عالم بوجود نفسه- ضرورة فهذا أصل تبنى عليه العلوم الضروريات، فإذا علمت نفسي ضرورة، نظرت هل أنا محدث أو قديم؛ فلا يصح أن أنظر هذا النظر قبل علمي بوجود نفسي، فإذا نظرت، علمت أني محدث بالنظر الصحيح، فالعلم بحدثي علم نظري، مبني على العلم بوجود نفسي الذي هو ضرورة؛ ثم لما علمت أني محدث، نظرت هل لي محدث أو ليس لي محدث؛ فعلمت بالنظر الصحيح أنه لا بد لي من محدث، فهذا أيضا علم نظري مبني على علم نظري، مبني على علم ضروري؛ ثم أنظرُ بعد ذلك أيضا في محدثي: هل