فيقول الرب: نعم صدقوا " فذلك قوله: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143].
وهذه شهادة صحيحة، لأنهم شهدوا بما علموا بأخبار من علموا صدقه بالأدلة الظاهرة والبراهين القاطعة، ومن هذا المعنى شهادة خزيمة بن ثابت للنبي- عَلَيْهِ السَّلَامُ - على الأعرابي أنه اشترى منه الفرس ولم يحضر ولا شهد.
فصل
وكذلك كل من علم شيئا بوجه من الوجوه التي يقع بها العلم، وجب عليه الشهادة به إذا دعي إليها؛ والعلم يدرك بأربعة أشياء فلا يصح لشاهد شهادة بشيء حتى يقع له العلم ويحصل عنده بأحدها، إذ لا تصح الشهادة إلا بما يعلم ويقطع على معرفته، لا بما يشك فيه، ولا بما يغلب على الظن معرفته. قال الله عز وجل: {وَمَا شَهِدْنَا إِلا بِمَا عَلِمْنَا} [يوسف: 81].
فصل
فأحد الوجوه التي يدرك بها العلم العقل بانفراده، فإنه يدرك به بعض العلوم الضرورية، مثل أن الاثنين أكثر من الواحد، وأن السماء فوقه والأرض تحته؛ ويعلم به حال نفسه من صحته وسقمه، وإيمانه وكفره؛ وتصح بذلك شهادته على نفسه، وما أشبه ذلك.
والثاني العقل مع الحواس الخمس: حاسة السمع، وحاسة البصر، وحاسة