ما لا يجوز من الحرام. (والثالث) أن يكريها منه كراء مبهما، فأما إذا أكراها منه على أن يسكنها أو يبيع فيها ما يشاء من الأشربة الحلال، فالكراء جائز، فإن صرفها المكتري إلى بيع الخمر وما أشبه ذلك من الحرام، فلم يمنعه من ذلك، تصدق بجميع الكراء قاله ابن حبيب، قال بعض المتأخرين: وهذا إن كان أكراه ليسكن؛ لأن السكنى في الدار خلاف بيع الخمر فيها، فإذا لم يمنعه، فكأنه فسخ الأول في الثاني ولو كان أكراه ليبيع فيها الأشربة الحلال، فباع فيها الخمر والحرام فلم يمنعه من ذلك لما وجب عليه أن يتصدق إلا بما زادت قيمة كرائها على أن يباع فيها الخمر على الكراء الذي كان أكراها به؛ وهذه تفرقة لا وجه لها، كأنه أيضا قد فسخ الأول في الثاني، وإن كان يشبهه في أنه بيع شراب، فالصواب أنه إذا علم فلم يمنعه تصدق بجميع الكراء، وإذا لم يعلم تصدق بما بين الكراءين من غير تفصيل بين أن يكون أكرى منه للسكنى أو لبيع الأشربة الحلال، ولا اختلاف إذا لم يعلم ببيعه فيها الخمر، في أنه لا يجب عليه أن يتصدق إلا بما زادت قيمة كرائها على أن يباع فيها الخمر على الكراء الذي أكراها به، كان أكراها لبيع الأشربة الحلال أو للسكنى، وأما إن كان أكراها منه على أن يبيع فيها خمرا، وما أشبه ذلك، فالكراء فاسد يفسخ إن عثر عليه قبل السكنى، فإن لم يعثر عليه حتى فات بانقضاء أمد الكراء تصدق بجميع الكراء على المساكين كان أقل من القيمة أو أكثر، قيل: لأنه لا يحل للمكري كثمن الخمر، وقيل: أدبا له لا من أجل أنه حرام كعين الخمر، وظاهر ما في سماع سحنون من كتاب السلطان أن الثمن يترك له ولا يتصدق به؛ لأنه قال فيه: فإن فات مضى، إلا أن يريد بقوله: يمضي إذا فات أنه لا يرد إلى القيمة بعد الفوات، وذلك محتمل، وإن لم يبع المكتري فيه خمرا وصرفه للسكنى أو لسائر الأشياء المباحة في الكراء، فقال ابن حبيب: يسوغ الكراء للمكري إلا أن يكون يزيد في كرائها لبيع الخمر على كرائها لغير الخمر، فيتصدق بالزيادة،