ما يجب على الأجير فعله، (والثاني) الاستئجار على ما لا يحل له فعله، (والثالث) الاستئجار على المباح من الأعمال بما لا يجوز من الغرر أو الحرام أو على وجه لا يجوز مما يدخله غرر أو جهل؛ فأما الاستئجار على ما لا يجوز الاستئجار عليه لوجوب فعله على الأجير، فينفسخ إن عثر عليه قبل العمل فإن فات بالعمل لم يكن للأجير شيء من الأجرة، وردت كلها إلى المستأجر - إن كان قد دفعها؛ وأما الاستئجار على ما لا يجوز الاستئجار عليه لتحريم فعله عليه، فالحكم فيه إذا وقع أن يفسخ أيضا متى ما عثر عليه، فإن فات بالعمل لم يكن للأجير من الأجرة شيء وتصدق بها عليه على التفصيل الذي ذكرناه في كتاب التجارة إلى أرض الحرب في بيع المسلم الخمر من النصراني أو المسلم، وأما الاستئجار على المباح من الأعمال بما لا يجوز أو على وجه لا يجوز، فالحكم فيه إذا وقع أن يفسخ ما لم يفت؛ فإن فات بالعمل كانت فيه القيمة والله ولي التوفيق برحمته.
في ماهية الجعل وأصل جوازه
وأما الجعل فهو أن يجعل الرجل للرجل جعلا على عمل يعمله له إن أكمل العمل، وإن لم يكمله لم يكن له شيء، وذهب عناؤه باطلا؛ فهذا أجازه مالك وأصحابه - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - مما لا منفعة فيه للجاعل إلا بتمام العمل، خلافا لأبي حنيفة والشافعي رحمهما الله تعالى في أحد قوليه، وهو في القياس غرر إلا أن الشرع قد جوزه؛ والأصل في جوازه قول الله تعالى: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: 72]، وقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم حنين: " من قتل قتيلا فله سلبه "، وقوله يوم بدر: " من فعل كذا فله كذا، ومن فعل كذا وكذا فله كذا وكذا "، وإن كان مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - قد كره ذلك، فإنما كرهه لئلا