فصل

وإنما يجوز أن يباع منهم من العروض ما لا يتقوى به في الحرب ولا يرهب به في القتال، ومن الكسوة ما يقي الحر والبرد لا أكثر، ومن الطعام ما لا يتقوت به مثل الزيت والملح وما أشبه ذلك، وقد اختلف فيما يتزينون به في كنائسهم وأعيادهم مثل الثياب، هل يجوز أن يباع منهم ذلك أم لا؟ على قولين؛ ففي سماع ابن القاسم من كتاب الجهاد تخفيف ذلك، وحكى ابن المزين عن أصبغ، أن ذلك لا يجوز؛ وجائز أن يعطوا ذلك في فداء المسلمين باتفاق.

وكذلك الخيل والسلاح إذا لم يقبلوا في الفداء غير ذلك فلا بأس أن يفادى بها. قال ابن حبيب: مثل الرجل والرجلين والشيء بعد الشيء في الفرط، وأما الشيء الكثير الذي تكون فيه القوة الظاهرة في العدد الكثير فلا يجوز، وأجاز ذلك سحنون إذا لم يرج فداؤه بالمال وذلك ما كان الأسير في بلادهم؛ وأما إن قدموا به بأمان للفداء، فلا يفادى منهم بالسلاح، فإن أبوا إلا ذلك أخذ منهم بالقيمة صاغرا قمئا، ولم يترك والرجوع به إلى بلده، قال ذلك ابن حبيب في الواضحة، وانظر هل يأتي هذا على مذهب ابن القاسم أم لا؟ فإن مذهبه أن من أسلم من عبيدهم لا يباعون عليهم ويتركون وللرجوع بهم إلى بلادهم، وقد اختلفت الروايات عن ابن القاسم في هذا في العتبية، وجائز أن يفادى منهم المسلمون بالعبد النصراني، وبأم ولد المسلم النصرانية؛ قال ابن أبي زيد: على أن لا يسترقوها؛ وبالذمي على شرط أيضا أن لا يسترق - قاله سحنون؛ فأما مفاداتهم بالخمر والخنازير، فقال أشهب في العتبية: لا يجوز؛ لأنه لا يحل الدخول في نافلة من الخير بمعصية، وأجاز ذلك سحنون قال: لأنها ضرورة، وقد روي عن ابن القاسم أن ذلك أخف من الخيل والسلاح يريد لما على المسلمين من الضرر في فادئهم بالخيل والسلاح.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015