وشهادته؛ قال ذلك سحنون، وينبغي أن يحمل قوله على التفسير لما في كتاب الولاء والمواريث من المدونة من إجازة شهادتهم، لاحتمال أن يكونوا لم يدخلوا بلاد الشرك طائعين، وإنما ردتهم الريح إليها وهم يريدون غيرها، وإن كان تكلم على أنهم دخلوا طائعين، فلعله إنما أجاز شهادتهم بعد أن تابوا وظهر صلاحهم، وهذا محتمل يتناول قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأنه يبعد أن تجاز شهادة من سافر إلى أرض الحرب للتجارة وطلب الدنيا - وهو عارف بأن ذلك لا يجوز له، وأن أحكام الشرك تجري عليه، وبما هو أدنى من هذا يجرح الشاهد وتسقط شهادته.

فصل

فواجب على والي المسلمين أن يمنع من الدخول إلى أرض الحرب للتجارة ويضع المراصد في الطرق والمسالح لذلك، حتى لا يجد أحد السبيل إلى ذلك، لا سيما إن خشي أن يحمل إليهم ما لا يحل بيعه منهم مما هو قوة على أهل الإسلام لاستعانتهم به في حروبهم.

فصل

وأما مبايعة أهل الحرب ومتاجرتهم إذا قدموا بأمان، فذلك جائز، روي «عن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، أنه قال: بينما نحن عند رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذ جاء رجل مشرك مشعار طويل بغنم يسوقها، فقال له رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أبيعا أم عطية أم هبة؟ فقال: بل بيع، فاشترى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - منها شاة»

بوب البخاري - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - على هذا الحديث: باب البيع والشراء مع المشركين وأهل الحرب.

فصل

إلا أنه لا يجوز أن يبايعوا شيئا مما يستعينون به في حروبهم من كراع أو سلاح أو حديد، ولا شيئا مما يرهبون به على المسلمين في قتالهم مثل الرايات وما يلبسون في حروبهم من الثياب فيباهون بها على المسلمين، وكذلك النحاس؛ لأنهم يعملون منه الطبول فيرهبون بها على المسلمين، ولا يجوز أن يباع منهم العبد النصراني؛ لأنه يكون دليلا على المسلمين وعورة عليهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015