بحكم الاستحقاق لا بحكم الشفعة، إذ لم تقع عليها حصة ميت الثمن، فيدخل فيها بالمعنى القولان الآخران كما دخلا في الاستحقاق، والمنصوص منها في التفليس قولان، (أحدهما) قوله في المدونة: إن البائع أحق بها من الغرماء ما لم تجد، (والثاني) قوله في سماع عيسى من كتاب المديان: إنه أحق بها ما لم تطب، والقولان الآخران يتخرجان بالمعنى والقياس، لأنه جعل أخذ البائع نخله بمنزلة الاستحقاق؛ إذ جعله أحق بالثمرة ما لم تجد أو ما لم تطب. فوجب أن يدخل في ذلك من الاختلاف ما دخل في الاستحقاق، ولو جعله بمنزلة البيع لوجب أن لا يكون أحق بالثمرة بعد الإبار قولا واحدا، فإذا أخذ والنخل بثمرته كان للمبتاع الرجوع عليهم بسقيه وعلاجه، على الاختلاف المتقدم؛ فإن جد الثمرة بعد الإبار قبل الطياب، فهي غلة لا يحاسب شيء منها، وقد قال أشهب قولا أنكره سحنون، أن الشفيع والمستحق إذا قدما قبل طيب الثمرة، كانت له بقيمتها على الرجاء والخوف، وقد تقدم ذلك بعلته، وأما الوجه الثاني، وهو أن يكون في النخل يوم الابتياع ثمرة مأبورة فيطرأ عليه قبل طيب الثمرة، فإنهم يكونون أحق بها على حالها بعد أن يردوا السقي والعلاج، على الخلاف المتقدم؛ وأما إن لم يطرأ عليه إلا بعد طيب الثمرة ولم تيبس، أو بعد يبسها ولم تجد، أو بعد جدادها - وهي قائمة أو فائتة، ففي ذلك في الاستحقاق والشفعة ثلاثة أقوال، (أحدها) أن الشفيع والمستحق يأخذ الثمرة مع الأصل - وإن جدت، ويرجع بالسقي والعلاج، قاله ابن القاسم على قياس قوله في الرد بالعيب، وقاله أشهب ورواه عن مالك في الشفعة في كتاب ابن المواز، ووجهه أنه حمل الأخذ بالشفعة محمل الاستحقاق، (والثاني) أنها تكون غلة للمبتاع وهو مذهب أشهب في كتاب العيوب، (والثالث) أنها تمضي بما ينوبها من الثمن - وهو قول ابن القاسم في كتاب الشفعة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015