القول الثاني تشبيهه بالبيع لما فيه من الخيار للمبتاع والشفيع، وقد روي عن أشهب في الشفعة والاستحقاق أنه يأخذ الثمرة بقيمتها على الرجاء والخوف، وعلته في ذلك أن السقي والعلاج قد يكون أكثر من قيمة الثمرة - وهو لو جدها لم يكن له رجوع بما سقى وعالج.
فإن جد الثمرة كانت غلة له إن كان ابتاع النخل قبل أن يكون فيا ثمرة، وإن كان ابتياعه لها وفيها ثمرة لم تكن له غلة وحاسبه بها الشفيع فأخذ النخل بما ينوبها من الثمن، وحاسبه بها البائع في الاستحقاق فلم يرجع عليه إلا بما ينوب الأصول الطياب، وحاسبه بها الغريب في التفليس فأخذ النخل بما ينوبها من الثمن، وحاص الغرماء بما ينوب الثمرة.
فصل
فأما إن طرأ عليه بعد إبان الثمرة، ففي ذلك أربعة أقوال، (أحدها) أنهم لا حق لهم في الثمرة بعد الإبار وهي غلة للمبتاع لا يحاسب بها، (والثاني) أنهم أحق بها ما لم تطب الثمرة، (والثالث) أنهم أحق بها ما لم تيبس، (والرابع) أنهم أحق بها ما لم تجد، المنصوص عليها من هذه الأقوال في الاستحقاق قولان، (أحدهما) في كتاب ابن المواز أن المستحق أحق بها ما لم تيبس، (والثاني) رواية أبي زيد عن ابن القاسم أنه أحق بها ما لم تجد، (والقول الثالث) أنه لا حق له فيها بعد الإبار - وهي غلة للمبتاع، قاله أصبغ في الرد بفساد البيع ولا فرق. (والقول الرابع) أنه أحق بها ما لم تطب، قاله ابن القاسم في الرد بالعيب- ولا فرق؛ والمنصوص منها في الأخذ بالشفعة قولان، أحدهما: أنه قول بعض المدنيين في المدونة وقول أشهب وأكثر الرواة أنه لا حق للشفيع في الثمرة إذا لم يدركها حتى أبرت، وهذا يأتي على أن الأخذ بالشفعة محمل البيع، أو على أن الثمرة تصير غلة بالإبار، (والثاني) قوله في المدونة: إنه أحق بها ما لم تيبس، والثمرة ههنا يأخذها الشفيع