على مثل هدينا وطريقتنا لأن الغش لا يخرج الغاش من الإيمان، فهو معدود في جملة المؤمنين إلا أنه ليس على هديهم وسبيلهم، لمخالفته إياهم في التزام ما يلزمه في شريعة الإسلام من النصح لأخيه المسلم، قال الله عز وجل: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10] وقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «المؤمن أخ المؤمن، يشهده إذا مات، ويعوده إذا مرض وينصح له إن غاب أو شهد» وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا»، فلا يحل لامرئ مسلم أن يبيع عبدا أو أمة أو سلعة من السلع أو دارا أو عقارا أو ذهبا أو فضة أو شيئا من الأشياء - وهو يعلم فيه عيبا، قل أو كثر، حتى يبين ذلك لمبتاعه ويقفه عليه وقفا يكون علمه به كعلمه، فإن لم يفعل ذلك وكتمه العيب وغشه بذلك، لم يزل في مقت الله ولعنة ملائكة الله، روي عن واثلة بن الأسقع أنه قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «من باع عيبا لم يبينه لم يزل في مقت الله، أو: لم تزل الملائكة تلعنه»، وقد يحتمل أن يحمل قوله: «من غشنا فليس منا» على ظاهره فيمن غش المسلمين مستحلا لذلك، لأنه من استحل التدليس بالعيوب والغش في البيوع وغيرها، فهو كافر حلال الدم يستتاب، فإن تاب من ذلك وإلا قتل.

فصل

والعيوب تنقسم على قسمين: عيب يمكن التدليس به، وعيب لا يمكن التدليس به، أما ما لا يمكن التدليس به، فلا يجب الرد به في القيام ولا الرجوع بقيمته في الفوات. وهو على وجهين، (أحدهما) ما استوى البائع والمبتاع في الجهل بمعرفته، وكان في أصل الخلقة باتفاق، أو لم يكن في أصلها على اختلاف لم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015