يجوز تحويل أحد الثمنين في الآخر فإن البيع على أحدهما من غير تعيين مع لزومه للمتبايعين أو لأحدهما جائز، لأنه يعلم أن البيع إنما وجب بالأكثر إن كان الخيار للبائع، أو بالأقل إن كان الخيار للمبتاع؛ إذ لا يشك في أنه هو الذي يختار، إذ لا غرض في اختيار الثمن الآخر عليه. وأما الوجه الثاني وهو أن يجوز تحويل أحد الثمنين أو المثمونين في صاحبه، فإن ذلك ينقسم على أربعة أقسام (أحدها) أن يكون الثمنان والمثمونان صنفين مختلفين مما يجوز أن يسلم أحدهما في الآخر، (والثاني) أن يكونا صنفا واحدا إلا أن صفتهما مختلفة متباينة، (والثالث) أن يكونا صنفا واحدا وصفة واحدة، إلا أنهما متفاضلان في الجودة، والرابع أن يكونا صنفا واحدا وصفة واحدة متساويين في الجودة.
فأما إن كانا صنفين مختلفين مما يجوز أن يسلم أحدهما في الآخر، فلا يجوز إلا على قول عبد العزيز بن أبي سلمة؛ وكذلك إن كانا صنفا واحدا إلا أن الصفة اختلفت وتباينت حتى جاز سلم أحدهما في الآخر، وأما إن كانا صنفا واحدا إلا أن صفتهما مختلفة متباينة تباينا لا يجوز معه سلم أحدهما في الآخر، فيجوز عند ابن المواز وعلى قول عبد العزيز بن أبي سلمة أيضا؛ وأما إن كانا صنفا واحدا إلا أنهما متفاضلان في الجودة، فيجوز على ما في المدونة ومذهب ابن المواز وقول عبد العزيز بن أبي سلمه، ولا يجوز عند ابن حبيب؛ وأما إن كانا صنفا واحدا وصفة واحدة، فيجوز عند جميع أصحابنا، خلافا للشافعي وأبي حنيفة رحمهما الله في قولهما: إنه لا يجوز لهما أن يفترقا إلا على ثمن معلوم؛ والدليل على صحة قولنا أن الثمن معلوم ودخول الاختيار في أحد الثوبين لا تأثير له في الثمن، وإنما يعود ذلك إلى تعيين المبيع، وذلك لا يمنع صحة العقدة، كما لو اشترى منه قفيز قمح من جملة صبرة فيها أقفزة.
فصل
والبيع لازم للمتبايعين إذا تم البيع بينهما بالكلام وإن لم يفترقا بالأبدان، إلا