عندي بين المسألتين؛ وأما النقد من غير شرط فجائز إلا فيما لا يمكن التناجز فيه بعد أمد الخيار، كالسلم والعبد الغائب والجارية التي فيها المواضعة، لأنه إن تم البيع دخله فسخ الدين.
وكما لا يجوز للبائع اشتراط النقد لينتفع به أمد الخيار، فكذلك لا يجوز للمبتاع اشتراط الانتفاع بالمبيع أمد الخيار، لأنه غرر أيضا، إن لم يتم البيع كان قد انتفع بالسلعة باطلا من غير شيء، وإنما جوز له من ذلك قدر ما يقع به الاختبار - خاصة فيما يختبر بالاستعمال كركوب الدابة، واستخدام العبد في الشيء اليسير الذي لا ثمن له.
فصل
والمبيع بالخيار في أمد الخيار على ملك البائع، كان الخيار له أو للمبتاع أو لهما، فإن تلف فمصيبته منه، كان بيده أو بيد المبتاع، إلا أن يكون بيد المبتاع، ويغيب عليه وهو مما يغاب عليه ويدعي تلفه، ولا يعرف ذلك إلا بقوله، فلا يصدق في ذلك ويكون عليه قيمة الثمن؛ لأنه يتهم أن يكون غيبه وحبسه عن صاحبه، فذلك رضا منه بالثمن؛ وقد روي عن مالك أن الضمان من المشتري فيما بيع على الخيار - إن كان الخيار له، ومن البائع - إن كان الخيار له - وهو قول ابن كنانة.
فصل
والخيار في هذا بخلاف الاختيار على مذهب ابن القاسم، لأنه إذا اشترى ثوبا من ثوبين أو عبدا من عبدين، على أن يأخذ أيهما شاء بثمن قد سمياه فتلفا، فالضمان في أحدهما من البائع، وفي الثاني من المبتاع - قامت على تلفهما بينة أو لم تقم - فيكون عليه نصف الثمن، إذ لم يعرف الذي قبضه على الاشتراء من الذي قبضه على الائتمان، وكذلك لو اجتمع الخيار والاختيار على مذهب ابن