أبي زيد، على هذا حمل ابن لبابة قول مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - في الموطأ، وقول ابن نافع في تفسير ابن مزين، والأظهر من قولهما - عندي - أن للذي جعل إليه البائع الخيار الرد والإجازة، وأن ذلك حق للمبتاع؛ وذهب أبو إسحاق التونسي إلى ما حكيناه عنه، أن ذلك بمنزلة الوكالة؛ ولم يختلفوا في تأويل ما وقع في المدونة إذا اشترط ذلك المبتاع، والظاهر- عندي فيما وقع في المدونة - أن ذلك اختلاف من قوله في البائع لا يدخل في المبتاع، فمرة جعل اشتراط البائع ذلك كاشتراط المبتاع، ومرة فرق بينهما، وقد قيل: إن ما وقع في المدونة ليس باختلاف قول، وإنما يرجع ذلك إلى الفرق بين البائع والمباع، وقد قيل: إن ذلك اختلاف قول يدخل في البائع والمبتاع، وأما المشورة فلا اختلاف بينهم أن لمشترطها تركها، وأن الحق في ذلك لمشترطها من المتبايعين دون صاحبه، إلا ما حكى أبو إسحاق التونسي أن ظاهر ما في كتاب محمد بن المواز - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أن المشورة كالخيار في أنه إذا سبق فأشار بشيء لزم، وهو بعيد؛ فتأمل قوله في الأصل. وأما ما حكاه أبو إسحاق التونسي عن ابن نافع أن المشورة كالخيار سواء في أن للمشترط مشورته الأخذ أو الرد، فهو نقل غير صحيح، لأنه إنما تكلم على مشورة مقيدة بالخيار، وذلك كمجرد الخيار، فتأمل ذلك في تفسير ابن مزين.
ولا يجوز للبائع أن يشترط النقد في أيام الخيار، فإن فعل فسخ البيع بذلك، لأن النقد المدفوع يصير مرة ثمنا - إن تم البيع، ومرة سلفا - إن لم يتم؛ فإن فعل، فسخ البيع - على كل حال وليس كالبيع والسلف الذي إذا أراد مشترط السلف إسقاطه صح البيع على أحد القولين، هذا هو ظاهر المدونة؛ لأنه ذكر القيمة فيمن اشترى بالخيار بيعا فاسدا، لاشتراطه النقد ثم وجد عيبا ولم يقل الأقل من القيمة أو الثمن. وفي كتاب ابن سحنون أنه كالبيع والسلف، ولا فرق