من غير البائع وفاتت السلعة، أن للبائع الأقل من القيمة أو الثمن، وإن قبض السلف، وعلى ما ذهب إليه ابن القاسم في البيع والسلف - إذا قبض السلف - وفاتت السلعة أن فيها القيمة - بالغة ما بلغت، يلزم أن يكون للمأمور ههنا إجارة مثله بالغة ما بلغت، وإن كانت أكثر من الدينارين، والأصح أن لا يكون له أجرة، لأنا إن جعلنا له الأجرة كانت ثمنا للسلف، فكان تتميما للربا الذي عقدا عليه، وهو قول سعيد بن المسيب؛ فهي ثلاثة أقوال فيما يكون له من الأجرة إذا نقد المأمور الثمن بشرط، وهذا إذا عثر على الآمر بحدثانه ورد السلف إلى المأمور قبل أن ينتفع به الآمر، وأما إن لم يعثر على الأمر حتى انتفع الآمر بالسلف، قدر ما يرى أنهما كانا قصداه، فلا يكون في المسألة إلا قولان، (أحدهما) أن للمأمور إجارته بالغة ما بلغت. (والثاني) أنه لا شيء له، ولو عثر على الأمر قبل الابتياع وقبل أن ينقد المأمور الثمن، لكان النقد من عند الآمر، ولكان فيما يكون للأجير قولان: (أحدهما) أن له إجارة مثله بالغة ما بلغت. (والثاني) أن له الأقل من إجارة مثله أو الدينارين، وابن حبيب يرى أن المأمور إذا نقد فقد تم الحرام بينهما وإن لم يمض من المدة ما ينتفع به الآمر بالنقد، ويكون له إجارة مثله - بالعقد - بالغة ما بلغت، وإلى هذا ذهب سحنون في إصلاحه مسألة كتاب بيوع الآجل في المدونة، بأن جعل فيها مكان يرد: يترك. فتدبر ذلك. (وأما الثانية) وهو أن يقول: اشتر لي سلعة كذا بعشرة نقدا وأنا أبتاعها منك باثني عشر إلى أجل، فذلك حرام لا يحل ولا يجوز لأنه أجل ازداد في سلعة، فإن وقع ذلك لزمت السلعة للآمر، لأن الشراء كان له وإنما أسلفه المأمور ثمنها ليأخذ به منه أكثر منه إلى أجل: فيعطيه العشرة معجلة ويطرح عنه ما أربى، ويكون له جعل مثله بالغا ما بلغ في قول، والأقل من جعل مثله أو الدينارين اللذين أربى له بهما في قول. وفي قول سعيد بن المسيب لا أجرة له بحال لأن ذلك تتميم للربا كالمسألة المتقدمة،