والمكروهة أن يقول له: اشتر سلعة كذا وكذا، فأنا أربحك فيها وأشتريها منك، من غير أن يراوضه على الربح. والمحظورة أن يراوضه على الربح فيقول له: اشتر سلعة كذا وكذا وأنا أربحك فيها كذا، وأبتاعها منك بكذا؛ وفي هذا الوجه ست مسائل مفترقة الأحكام: ثلاث في قوله: اشتر لي؛ إحداها: أن يقول له: اشتر لي سلعة كذا وكذا بعشرة نقدا، وأنا أبتاعها منك باثني عشر نقدا، والثانية: أن يقول له: اشترها لي بعشرة نقدا وأنا أشتريها منك باثني عشر إلى أجل. والثالثة عكسها، وهي أن يقول له: اشترها لي باثني عشر إلى أجل وأنا أشتريها منك بعشرة نقدا. وثلاث في قوله: اشتر لنفسك، أو بقوله: اشتر - ولا يقول: لي ولا لنفسك؛ إحداها: أن يقول له: اشتر سلعة كذا وكذا - بعشرة نقدا - وأنا أبتاعها منك باثني عشر نقدا.
والثانية: أو يقول له: اشترها لنفسك بعشرة نقدا وكذا أبتاعها منك باثني عشر إلى أجل. والثالثة أو يقول له: اشترها لنفسك - أو اشتر، ولا يزيد على ذلك - باثني عشر إلى أجل وأنا أبتاعها منك بعشرة نقدا.
فأما الرابعة - وهي أن يقول له: اشترها لنفسك بعشرة نقدا وأنا أشتريها منك باثني عشر نقدا. والخامسة أن يقول له: اشترها لنفسك بعشرة نقدا وأنا أبتاعها منك باثني عشر إلى أجل. والسادسة عكسها، وهي أن يقول له: اشترها لنفسك، أو اشتر، ولا يزيد على ذلك، باثني عشر - إلى أجل وأنا أبتاعها منك بعشرة نقدا، فأما الأولى وهي أن يقول له: اشترها لي بعشرة نقدا وأنا أشتريها منك باثني عشر نقدا، فالمأمور أجبر على شراء السلعة للآمر بدينارين، لأنه إنما اشتراها له. وقوله: وأنا أشتريها منك، لغو لا معنى له، لأن العقدة له وبأمره، فإن كان النقد من عند الآمر أو من عند المأمور بغير شرط، فذلك جائز؛ وإن كان النقد من عند المأمور بشرط فهي إجارة فاسدة، لأنه إنما أعطاه الدينارين على أن يبتاع له السلعة وينقد من عنده الثمن عنه، فهي إجارة وسلف، ويكون للمأمور إجارة مثله؛ إلا أن تكون إجارة مثله أكثر من الدينارين فلا يزاد عليهما، على مذهب ابن القاسم في البيع والسلف إذا كان السلف