على المراوضة، فإنما يضع عنه ويرده إلى ما كان راوضه عليه، فصار البيع الذي عقداه تحليلا للربا الذي قصداه، وتفسير هذا أن يأتي الرجل إلى الرجل من أهل العينة فيقول له: أسلفني ذهبا في أكثر منها إلى أجل، فيقول له: أسلفك درهما في اثنين إلى أجل، فيقول له: لا أعطيك في الدرهم إلا درهما وربعا، فيتراوضان ويتفقان على أن يربح معه في الدرهم نصف درهم، ثم يقول له: هذا لا يحل، ولكن عندي سلعة قيمتها مائة درهم أبيعها منك بمائة وخمسين إلى شهر، فتبيعها أنت بمائة فيتم لك مرادك، فيرضى بذلك ويأخذ السلعة منه ويبيعها بثمانين ثم يرجع إليه فيقول له: إني قد وضعت في السلعة وضيعة كثيرة فحط عني من المائة والخمسين ما يجب للعشرين التي وضعتها في السلعة، فيضع عنه ثلاثين تتميما للمراوضة التي عقدا بيعهما عليها، فيئول أمرهما إلى أن أسلم إليه ثمانين في مائة وعشرين، فهذا وجه كراهية مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - للوضيعة في هذه المسألة.
وفي شراء الرجل السلعة التي باعها بثمن إلى أجل من مبتاعها منه بثمن من جنس الثمن الذي باعها منه به - سبع وعشرون مسألة، وذلك أنه قد يشتريها نقدا أو إلى أجل دون الأجل الذي باع إليه بمثل ذلك الثمن، أو بأقل منه أو بأكثر، فهذه ثلاث مسائل، وقد يشتريها إلى مثل ذلك الأجل بمثل ذلك الثمن أو بأقل منه أو بأكثر، فهذه ست مسائل؛ وقد يشتريها إلى أبعد من ذلك الأجل بمثل ذلك الثمن، فهذه تسع مسائل؛ وقد يشتريها وزيادة معها بمثل ذلك الثمن أو أقل منه أو أكثر نقدا أو إلى ذلك الأجل أو إلى أبعد منه، فهذه تسع أخر، وقد يشتري بعضها بمثل ذلك الثمن أو أقل منه أو أكثر نقدا أو إلى ذلك الأجل أو إلى أبعد منه، فهذه تسع أخر تتمة سبع وعشرين مسألة كما ذكرنا؛ فأما إلى ذلك الأجل فيجوز بكل حال، اشتراها كلها أو بعضها، أو اشتراها وزيادة معها، بمثل الثمن أو أقل أو أكثر، لأن الحكم يوجب المقاصة إذا اتفقت الآجال وإن لم يشترطاها، فترتفع التهمة بذلك في جميع