منها، لئلا يستباح الربا بالذرائع؛ وقد قال عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: كان من آخر ما أنزل الله على رسوله آية الربا، فتوفي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم يفسرها، فدعوا الريبة والريبة. وأيضا فإن مراعاة التهمة أصل يبني الشرع عليه، قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تجوز شهادة خصم ولا ظنين ولا جار إلى نفسه»، ولم يجز أهل العلم شهادة الأب لابنه، ولا شهادة الابن لأبيه، من طريق التهمة، ومنه منعوا القاتل عمدا الميراث، وورثوا المبتوتة في المرض، ومثل هذا كثير.

فصل

فإذا باع الرجل من الرجل سلعة بنقد ثم اشتراها منه بدين، أو باعها منه بدين ثم اشتراها منه بنقد، أو باعها منه بدين ثم اشتراها منه بدين، أو باعها منه بنقد ثم اشتراها منه بنقد، وقد غاب على النقد، فإنك تنظر في هذا إلى الذي أخرج دراهمه أولا، فإن كان رجع إليه مثلها أو أقل، فذلك جائز، وإن رجع إليه أكثر منها، نظرت فإن كانا من أهل العينة أو أحدهما، لم يجز ذلك بحال - كانت البيعة الأولى بالنقد أو بالنسيئة - وإن لم يكونا من أهل العينة، جاز إن كانت البيعة الأولى بالنقد، ولم يجز إن كانت بالنسيئة؛ وذلك أن أهل العينة يتهمون فيما لا يتهم فيه أهل الصحة؛ لعملهم بالمكروه؛ من ذلك أن يبيع الرجل من أهل العينة طعاما أو غيره بخمسة نقدا وخمسة إلى أجل، إذا كان ذلك إنما يبتاعه لبيع، وذلك جائز لغير أهل العينة، ومن ذلك أن يبيع الرجل من أهل العينة طعاما أو غيره بثمن إلى أجل ثم يستوضعه المبتاع من الثمن فيضع عنه، فإن مالكا وغيره من أهل العلم كرهوا ذلك، لأنه إنما يبيعه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015