مرة ومرة لم يلزمه ومرة ينافيه وإن كانت حاملا راجع إلى قولين ويجعل قوله ومرة لم يلزمه ومرة ينفيه وإن كانت حاملا، شيئا واحدا. ومن الناس من يحملها على ثلاثة أقوال على ظاهرها، فيقول معنى قوله ينفيه وإن كانت حاملا أنه ينفيه بلعان ثان وإن لم يدع استبراء، فيقول في لعانه أشهد بالله ما حملها هذا مني. فيأتي على هذا في الطرف الواحد ثلاثة أقوال وفي الطرف الثاني قولان. وسواء كان الزوج عالما مقرا به أو لم يكن. وهذا بين في كتاب ابن المواز، وظاهر قول المخزومي في المدونة. وقد تأول بعض الناس قوله وهو مقر بالحمل أي بالوطء. وقد تأول بعض الشيوخ أن الاختلاف الواقع في قول مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - في المدونة إنما هو إذا لم يعلم الزوج بحملها ولا كان مقرا به، وإنما علم أنها كانت حاملا بما انكشف من وضعها قبل ستة أشهر، وهو تأويل بعيد لما حكيناه من وجوه الاختلاف في ذلك لمالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - في كتاب ابن المواز، فاعلمه. فإن ادعى الاستبراء بعد أن ولدته وقال ليس الولد مني قد كنت استبرئت كان ذلك له في الوجوه كلها باتفاق وسقط نسب الولد، قيل بذلك اللعان وهو قول أشهب، وقيل بلعان ثان وهو قول أصبغ وعبد الملك، وفي المدونة ما يدل على القولين جميعا.
وقد ذهبت طائفة من أهل العلم إلى أن الولد المولود على فراش الرجل إذا نفاه لا ينتفي منه بلعان ولا بما سواه، لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الولد للفراش وللعاهر الحجر». وروي عن الشعبي أنه قال: خالفني إبراهيم وابن معقل وموسى في ولد الملاعنة فقالوا تلحقه به فقلت ألحقه به بعد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين ثم ختم بالخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، فكتبوا فيها إلى المدينة فكتبوا أن يلحق به، وهو شذوذ من القول، ولا حجة لقائله فيما احتج به من قول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الولد للفراش وللعاهر الحجر؛» لأنه إنما ورد في المدعي بالزنا