وراجعها». والأحاديث في هذه القصة كثيرة، وفي بعضها «أن أوس بن الصامت لما ظاهر من امرأته قالت له: والله ما أراك إلا قد أثمت في شأني لبست جدتي وأفنيت شبابي وأكلت مالي، حتى إذا كبرت سني ورق عظمي واحتجت إليك فارقتني. قال: فما أكرهني بذلك اذهبي إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فانظري هل تجدين عنده شيئا في أمرك، فأتت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فذكرت ذلك له فقال لها: " ما أراك إلا قد بنت منه "، فقالت: إلى الله أشكو فاقتي إلى زوجي، فقالت عائشة: سبحان من وسع سمعه الأصوات، فإني لأرجل رأس رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أسمع بعض كلامها ويخفى علي بعضه إذ نزل الوحي: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا} [المجادلة: 1] الآيات إلى آخره، فأمره رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يعتق رقبة» إلى آخر الحديث.
فالظهار تحريم ترفعه الكفارة، وهو حرام. والدليل على تحريمه أن الله سماه منكرا من القول وزورا، والزور: الكذب، والكذب حرام بإجماع. ووصف نفسه في آخر الآية بالعفو والغفران، ولا يغفر ولا يعفو إلا عن المذنبين. والكفارة لا تجب بمجرد لفظ الظهار حتى تنضاف إليه العودة في قول جماعة العلماء، حاشا مجاهد؛ فإنه أوجب الكفارة عن المظاهر بمجرد الظهار، وليس ذلك بصحيح لقول الله عز وجل: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} [المجادلة: 3].
فصل
وقد اختلفوا في العودة الموجبة على المظاهر الكفارة على ستة أقوال:
أحدها: إرادة الوطء والإجماع عليه، وهو قول مالك في موطئه، أنه إذا أراد الوطء وأجمع عليه فقد وجبت عليه الكفارة وإن مات أو طلقها.